التصحر يبتلع 70  من العراق

التصحر يبتلع 70 % من العراق

التصحر يبتلع 70 % من العراق

 العرب اليوم -

التصحر يبتلع 70  من العراق

بقلم - وليد خدوري

صرح الأسبوع الماضي فالح فليح، مدير شعبة المتغيرات المناخية في مديرية البيئة في محافظة النجف جنوب العراق، لشبكة «رووداو» العراقية، أن «نسبة التصحر بلغت نحو 70 % من أراضي البلاد بسبب نقص الإمدادات المائية القادمة من إيران وتركيا». وأضاف فليح أن «نسبة التصحر في محافظة النجف ازدادت عن السنة الماضية بواقع 5 % بسبب شح المياه، والتي تم على أثرها هجرة الأراضي الزراعية جراء ذلك».

تكمن مشكلة تصحر جنوب العراق في عدد من المشاكل، منها تدفق الغالبية العظمى من مياه بلاد الرافدين من الدول المجاورة (دجلة والفرات من تركيا وعدة روافد متعددة من إيران. وقد شيد البلدان المجاوران عدداً من السدود كان من المعروف منذ التخطيط لها خطورة كميات المياه التي سيتم حجبها عن العراق). وبالفعل اشتكى العراق على المستويات كافة - الوزارية والرئاسية - من إنشاء هذه السدود الضخمة وآثارها المدمرة على العراق.

واستمر تشييد السدود التركية حسب جدولها الزمني وبمساعدات وقروض مالية ضخمة من الصناديق والبنوك الدولية دون الأخذ بنظر الاعتبار بما يلزم من تعهدات تركية على النتائج البيئية لهذه السدود الضخمة حتى ولو على الدول المجاورة. هذا طبعاً في الوقت الذي بدأت فيه هذه الصناديق والدول الغربية تولي أولوية عالية «للآثار البيئية»، لكن دون اهتمام بالتحذيرات العراقية في هذا الأمر.

اختلف الوضع بعض الشيء مع إيران، لكون البلدين في حرب طوال عقد الثمانينات وفي حال من التشنجات المستمرة طوال عقد التسعينات وإلى الاحتلال في عام 2003. رفعت دوائر الري والزراعة العراقية المتخصصة في حينه المذكرات الفنية حول الآثار البيئية لسدود الروافد الإيرانية، بالذات بعد اشتداد زيادة الملوحة في أراضي المحافظات المجاورة لإيران التي تصب فيها الروافد. وتفاقمت الأمور بعد احتلال 2003 ونفوذ الحرس الثوري الإيراني.

شكلت الأولوية الإيرانية خلال العقدين الماضيين - ولا تزال - الاستفادة القصوى من المليارات التي كانت تجنيها مافيات الفساد في الوزارات العراقية، والتي وزعت غنائمها دورياً لصالح المؤسسات الإيرانية التي كانت ترعاها في طهران، والتي أصبحت بعد فرض العقوبات الدولية في حاجة ماسة للدولار، ثم وزعت الحصص لصالح المفسدين العراقيين وأزلامهم. وأخيرا، هناك حصص الحرس الثوري الإيراني في دول متعددة، وكما تقررها القيادة في طهران. أما الخطر الناشب على المحافظات العراقية، فيتمثل بازدياد الملوحة في المياه، ثم التقلص الخطر للإمدادات المالية نفسها، بالذات في ظل نفوذ الحرس الثوري والحشد الشعبي.

هذه بعض العوامل (الخارجية) الإقليمية التي كان يتوجب على العراق أن يعطيها أهمية كبرى على أجندات البيئة ومشاريع الري العالمية، دون التهاون بها.

في الوقت نفسه، هناك آثار داخلية ستترك بصماتها على الديموغرافية العراقية لعقود مقبلة. فالمزارعون في جنوب العراق يشكلون الأغلبية الساحقة من أهالي الجنوب. وأحزابهم المذهبية التابعة لإيران تقود البلاد منذ احتلال 2003. والمزارع المهاجر ينزح عادة إلى المدن الكبرى المجاورة مع المحافظة على علاقاته العشائرية، حيث يغذي نفوذ الأحزاب المذهبية في المدن، ناهيك عن استمرار اعتباره قضائيا ضمن «القانون العشائري» الذي تم تشريعه قبل قرن من الزمن من قبل الاحتلال البريطاني أثناء فترة الانتداب، ويغير تنفيذ هذا القانون الوجه الحضاري والثقافي للمدن، إذ لا يتبع أفراد العشيرة في المدن القوانين المدنية العراقية، كما في البصرة وبغداد. فهذا القانون يهمل حقوق المرأة، مثلا، ويعتبرها سلعة للتبادل.

سيترك التصحر المتزايد لجنوب العراق أثره المهم على مجمل المحصول الزراعي العراقي، حيث سيتم اللجوء أكثر وأكثر للاستيراد من الخارج، كما هو حاصل الآن. هذا، بعد أن كانت التمور، مثلا، تشكل المورد المالي الرئيسي للبلاد قبل عصر النفط حتى عام 1950.

من الضروري معالجة مشكلة التصحر من جوانبها المتعددة (الزراعية، الري، الديموغرافية، القانونية، الإقليمية)، لكن في ظل المناخ السياسي المهترئ، من المشكوك أن تولي الأحزاب المهيمنة على الحكم معالجة هذا الأمر المعقد بطريقة رشيدة غير غوغائية. لذا، فإن استمرار ازدياد التصحر في أراضي العراق الزراعية في الجنوب مستمر، الأمر الذي سيزيد من المصاعب والتعقيدات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.

وإحدى المشاكل الكبرى التي لطالما نصح الاختصاصيون العراقيون بالاهتمام بها، هي ترشيد استهلاك الماء أثناء الري والزراعة. ومع الأسف، يبقى هذا العامل مهملاً.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصحر يبتلع 70  من العراق التصحر يبتلع 70  من العراق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab