مأزق غزة تدمير شامل وهُدن مشروطة

مأزق غزة: تدمير شامل وهُدن مشروطة

مأزق غزة: تدمير شامل وهُدن مشروطة

 العرب اليوم -

مأزق غزة تدمير شامل وهُدن مشروطة

بقلم - يوسف الديني

الجميع يبحث عن هدنة سياسية بعد أشهر من وصول المنطقة إلى حافة الهاوية والانسداد السياسي غير المسبوق، من إيران التي أعلنت تنصلها من أذرعها وميليشياتها ومنها كتائب «حزب الله» التي علقت هجماتها على القوات الأميركية، وباقي المجموعات المسلحة التي تتخلى بشكل تدريجي عن نسغ وجودها وهويتها التأسيسية شعار المقاومة، في مقابل الحفاظ على الرأس الآيديولوجي متمثلاً في نظام طهران و«الحرس الثوري»، مع فوضى كبيرة في تبادل الاتهامات وتململ كبير في العواصم العربية التي تخترقها إيران بسبب صعود مسألة ما يمكن وصفه بصراع وتحديات الحدود والنفوذ ما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي شكل أكبر صدمة لجميع الأطراف بغض النظر عن توصيفه القيمي.

حتى الإسرائيليون ودول الطوق ستحتاج إلى سنوات لتجاوزه، لكنه أيضاً فتح شهية القوى الدولية إلى صياغة ما يشبه السلام مما أطلق عليه «اليوم التالي»، لكن التداعيات على مستوى الضمير الجمعي والتلبس بمفهوم السلام الثقافي النابع من إيمان العقلاء في المجتمعات العربية بأهمية التعايش والسلم وبناء المستقبل، ستظل تمر بمرحلة حرجة، لا سيما أن زمان ما بعد الحرب سيطلق أشباح الذاكرة للعديد من البشاعة والصلف والوحشية التي ستخلف أيضاً حالات تأزم جمعية أيضاً. وهو ما لم يتم التطرق له اليوم بسبب ضغط مسألة إيقاف الحرب والصيغ التوافقية وإعادة الإعمار.

وبالتالي فإن الكيان الإسرائيلي بسبب وقع الصدمة قد لا يدرك اليوم كما ندرك نحن الموجوعين ببشاعة ما حدث، حجم الخسائر الحقيقية في غزة، ليس على مستوى البنية التحتية وما يمكن إعادة إعماره ربما، لكن على مستوى تحطم المفاهيم والقيم والمشاعر الإنسانية، وربما هم غير قادرين كما أطراف كثيرة في المجتمع الدولي على التفكير فيها، وربما كان تجريد شعب بأكمله من إنسانيته بطريقة بشعة من أجل التسريع في تحقيق هدف واحد وهو القضاء على «كتائب القسام» و«حماس» أو على الأقل قدرتهما على الفاعلية.

السلام الجزئي والاتفاقات النيّئة ومحاولة القفز على كل هذا الدمار جزء من استراتيجية إسرائيلية جرّبها الفلسطينيون والعرب كثيراً، لذلك كانت اليقظة السعودية على مستوى السياسة الخارجية واضحة وصريحة وكبيرة ومشرّفة، فالرؤية السعودية التي عبرت عنها بيانات الخارجية بلغة صارمة وما تسرب عن انطباعات كبار السياسيين والمحللين في اللقاءات الكثيفة بالمسؤولين السعوديين، أكدت أنهم مستعدون للعب دور لكن بأفق سياسي واضح ونهايات مرسومة بدقة تنتهي بحل دولتين، وهذا ما تلقته إدارة بايدن بصوت سعودي لا لبس فيه يؤكد على أنه لا يمكن طرح ملف السلام أو حتى الحديث عنه ضمن خطة جزئية أو مراحل منفصلة تكرر نفس النتائج لمرحلة «أوسلو» وما بعدها.

السعودية في المقابل تدرك أيضاً خطورة ثنائية النفوذ والحدود، لذلك كان موقفها صارماً وبلهجة تحذيرية صلبة؛ إذ حذرت من «التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة، وهي الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الإسرائيلي الوحشي على النزوح، وتؤكد رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لترحيلهم قسرياً، وتجدد مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار». وأضاف البيان المطالبة بانعقاد مجلس الأمن الدولي بشكل عاجل «لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان».

أكثر الأوراق الغربية تفاؤلاً ومثالية تطرح مسائل من قبيل بداية تحسين الأوضاع في غزة مع اللحظات الأولى من الهدنة، وبناء مساكن مؤقتة لمئات الألوف من النازحين، بل والاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى قبل ترسيم حدودها أو التفاوض على شكلها السياسي «السيادة والحدود والنفوذ».

الموقف السعودي وضع الأقنعة الإسرائيلية في الواجهة، فالمسألة اليوم ليست عن مفهوم السلام وإمكانات تحققه، إنما في سؤال الأسئلة: أي مستقبل ينتظر الفلسطينيين؟! وماذا عن النيّات الحقيقية والجادة لدى الإسرائيليين كمجتمع وحكومة للسعي في ذلك؟ ما تبدى من مناكفات وسجال مع الحليف الأساسي لإسرائيل الولايات المتحدة والنقاشات مع بايدن وإدارته، كشف عن ذلك القناع الذي يؤكد أن الطبقة السياسية بجميع تشكلاتها وأجنحتها لا تريد الخروج من ذهنية الاحتلال المستدام أو التنازل عن أي أراضٍ تم احتلالها على مدار خمسين عاماً!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأزق غزة تدمير شامل وهُدن مشروطة مأزق غزة تدمير شامل وهُدن مشروطة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab