أمن الدولة الحزم والأنسنة في عالم مضطرب

أمن الدولة: الحزم والأنسنة في عالم مضطرب

أمن الدولة: الحزم والأنسنة في عالم مضطرب

 العرب اليوم -

أمن الدولة الحزم والأنسنة في عالم مضطرب

بقلم - يوسف الديني

بنهاية هذا الأسبوع يغادر حجاج بيت الله الحرام وضيوف الرحمن وزوار سيدة المدن طيبة الطيبة عائدين إلى بلدانهم، محمّلين بالدعوات الطيبة والذكريات الخالدة والكثير من «المعنى» و«الصورة» عن السعودية قيادة وشعباً بعد ما رأوه بأم أعينهم مما لا يمكن أن تستهدفه كل منصات العالم أو وكالات العلاقات العامة والتقارير المغرضة، فليس من رأى كمن سمع كما تقول العرب.

السعودية بـ«رؤيتها 2030» الطموحة تتحول في موسم الحج إلى ورشة عمل مفتوحة وخلية نحل تشمل كل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص وغير الربحي والجمعيات ومئات الآلاف من المتطوعين نحو هدف واحد، وهو خدمة ضيوف الرحمن، مستلهمين كلمة خادم الحرمين الشريفين: «خدمة ضيوف الرحمن هي الشرف الأكبر لنا» وقول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «خدمة حجاج بيت الله الحرام محل فخرنا واعتزازنا».

نجحت التجربة السعودية وكرّست تفوقها في إدارة الحشود وبشكل مذهل يستحق الدراسة والقراءة، لا سيما من زاوية الأمن والرعاية وهما جزء مهم من علاقة أكثر تعقيداً تتجلى فيها التجربة السعودية، وهي علاقة مفهوم الأمن بمؤسساته ورجالاته بالمواطن والمجتمع والمبنية على ثقة عالية ومتبادلة تستحق أيضاً الكثير من التأملات حول سياقها التاريخي منذ لحظة التأسيس وحتى اليوم.

وبعيداً عن هذه النجاحات المشرفة، يمكن القول إن مفهوم الأمن اليوم في العالم يعيش أكثر حالاته تأزماً واضطراباً وربما كان استحضار ثلاثة أحداث قريبة يجعلنا نعود باعتزاز إلى قراءة ومقاربة أسرار تفوق التجربة السعودية.

ما زالت أوروبا تعيش صدمة ما بعد أحداث العنف في فرنسا، صحيح أن الخبر لم يعد ساخناً على شاشة التلفزة، إلا أنه اليوم حديث وشغل مراكز الأبحاث الشاغل، لا سيما مع تكتلات اليمين الشعبوي الذي يبث قناعاته عبر منصاته الخاصة معلناً فشل نموذج المجتمع المتعدد الثقافات في أوروبا، أو بحسب القيادي في حزب «البديل من أجل ألمانيا» ديرك نوكيمان الذي علق على الأحداث بأنها «مسألة وقت فقط» حتى يحدث انفجار مماثل في معظم دول أوروبا، وكان التصريح الأكثر إشعالاً للسجالات بين اليمين وبين خصومهم ما نقلته منصة «دويتشه فيله» الألمانية عن تقرير صحيفة «ترود» البلغارية: ليست فرنسا وحدها هي التي تحترق، ولكن أيضاً سياسة التعددية الثقافية التي تم فرضها لسنوات كثيرة والتي أدت إلى هذا التطور رغم الجهود العبثية لإدماج المهاجرين. وكذلك جهود إدماج الجيلين الثاني والثالث بنجاح في الثقافة الوطنية. يحاول الرئيس إيمانويل ماكرون مرة أخرى دفن رأسه في الرمال في انتظار مرور العاصفة!

ماكرون وحكومته التي تهاجَم الآن بضراوة من الطرفين اليمين ومن عموم المتعاطفين مع ملف الهجرة والاندماج والضواحي والأقليات، كانت تصريحاته لافتة في التشديد على استعادة الأمن بأي ثمن! وبأن ثمة تدابير يتم طرحها حول معاقبة عائلات الشباب الذين يخوضون احتجاجات عنيفة في فرنسا، وكلنا يتذكر أيضاً حالة التململ وتأجيل ملف عائلات العالقين في مناطق التوتر من المواطنين الأوروبيين وحاملي جنسياتها، وبعيداً عن تصريحات كهذه لمسؤولين أوروبيين فهي أقرب إلى الشأن الداخلي إلا تمر دون أن تتعرض لحملات استهداف وبيانات وحملات حقوقية يتم خدمتها عبر الصحف والإعلانات والحملات ذات المضامين السياسية كما هو الحال في أي ملف يخص دولاً لديها موقف واضح من مسألة الأمن واستراتيجية تعد الأنموذج في الجمع بين الحزم وتغليب القانون وسيادته وبين الأنسنة Humanization في التعامل مع مرتكبي العنف متى ما أبدوا رغبة في العودة والتراجع، فضلاً عن فصل عائلاتهم عن أي سياق يخصهم، حيث «لا تزر وازرة وزر أخرى»، بل على العكس تماماً هناك الكثير من البرامج لرعاية أسر الموقفين وتمكينهم من التواصل الفعال النموذج وبإشراف مباشر من رئاسة أمن الدولة.

وليس بعيداً عن أوروبا كان الحدث الذي زاد من صعود مفهوم الأمن على كل الشعارات التي كانت ترفع ويتم استهداف دول حازمة وعاقلة كدول الاعتدال وفي مقدمتها المملكة إعلان الحكم المؤبد على غادر ميرساد كانديك الأمريكي المولود في كوسوفو والذي ساعد في تجنيد «آلاف» المقاتلين في تنظيم «داعش»، وفق ما أعلنت وزارة العدل الأميركية.

وما يهم هنا ليس الحكم، وإنما ما جاء في تسبيب أو تعليل الحكم، وهو أنه كان أميراً لوزارة الإعلام في الجماعة المتطرفة، وأنه تولى نشر دعايتها ورسائل التجنيد فيها عبر الإنترنت عبر أكثر من 120 حساب «تويتر»، كما أنه ساهم في تجنيد وإرسال آلاف من المقاتلين لمناطق التوتر.

أميركا والأوروبيون اليوم يعترفون بتجريم المنظر والمبرر وليس المفجر فقط، وبعضهم يريد تجاوز ذلك إلى معاقبة العائلات أو حتى محاولة حرمان دول بأكملها من حقوق اللجوء إليها طلباً للأمن ودون تلكؤ أو اعتبار لكل الشعارات التي كانت تستخدم كروتَ ضغطٍ سياسية.

خلاصة القول، لا يمكن استيعاب مفهوم الأمن وعلاقته بالنجاحات السعودية دون قراءته في سياقه التاريخي الطويل، وعلاقته بطبيعة العقد الاجتماعي في السعودية والصورة الإيجابية النابعة من رعاية الأصلح، ولا شك أن اختلال مفهوم الأمن اليوم من حول العالم أسقط مشروعات ضخمة في استهداف المملكة من هذه الزاوية، إما من خلال التشغيب على إدارتها للحج أو على استراتيجيتها ومقارباتها الأمنية، ومع سقوط تلك الأقنعة تحولت رهانات صانعي البروباغندا؛ من وكالات إخبارية وصحف ومعلقين وجوقة من الشخصيات المدثرة بالحقوق إلى صمت مطبق، حيث الشمس لا تغطى بغربال!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمن الدولة الحزم والأنسنة في عالم مضطرب أمن الدولة الحزم والأنسنة في عالم مضطرب



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab