بقلم - مشعل السديري
قبل قدوم جائحة كورونا بأسابيع، ذهبت في إجازة نهاية الأسبوع - وهو ما اتفق على تسميته (الويك إند)، ذهبت لزيارة رجل كريم و(جنتل مان)، في استراحته الواقعة على شاطئ البحر، واقترح علي تفضلاً مرافقته إلى جزيرة رائعة تقع في المحيط الهندي، وهي على حد قوله: (تنسيك الدنيا ومن فيها).
طبعاً شكرته ووافقته سريعاً على عرضه، ومن هو المغفل الذي يرفض مثل هذه الرحلة الممتعة، المؤمن لك فيها الطائرة والمسكن والمأكل والمشرب، ولا أستبعد مصروف الجيب اليومي كذلك، وما علي إلا أن أحمل معي فقط حقيبة ملابسي (وكان الله يحب المحسنين).
وعندما رجعت إلى بيتي، أول ما فعلته هو وضع وترتيب ملابسي المنتقاة في الحقيبة، انتظاراً لموعد الرحلة المبهجة بعد أسبوعين تقريباً.
ولكن قبل الموعد المحدد بعدة أيام لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، أطل علينا وباء كورونا بوجهه القبيح، وأغلقت الحدود والرحلات، ومع ذلك تركت حقيبتي العامرة كما هي في الحفظ والصون، معتقداً أنها عدّة أيام قليلة وتنفتح الأجواء ومعها الصدور كذلك.
وظننت واهماً أنها مجرد أيام، وإن طولت مجرد أسابيع وتنزاح الغمّة، ونستقل (الطائر الميمون) إلى وجهتنا التي عزمنا على الذهاب إليها، ولكن مرّت الأشهر وتراكمت، وعشعشت العناكب في حقيبتي المغلقة.
وكانت الصدمة الكبيرة التي قضت على حلمي، هي عندما اقتحم التنظيم الداعشي (بوكو حرام) الجزيرة الوادعة الجميلة التابعة لدولة موزمبيق التي هي وجهتنا، وحولت تلك العصابة الهمجية معالمها السياحية إلى خراب، وذلك في 13 – 8 - 2020.
وهذه الجزيرة، وفقاً لما ذكرته صحيفة (الديلي ميل)، يقضي فيها مشاهير العالم أجمل الأوقات، من أمثال كريسيتانو رونالدو لاعب كرة القدم، وقبله نيلسون مانديلا، والأمير ألبرت أمير موناكو الذي قضى فيها شهر العسل، بل إن بعض ملكات جمال العالم نزلن فيها، من ضمن ركاب الباخرة (كروز) السياحية التي مرت على هذه الجزيرة، وتسابقن على رمال شواطئها ولعبن فيها جميع ألعاب (الأكروبات).
وأصبحت الجزيرة اليوم بمثابة قاعدة استراتيجية للتنظيم الإرهابي، كما أضرم التنظيم النار في فلل فاخرة وفرض الشريعة الإسلامية على سكان الجزيرة.
وإن نسيت فلا يمكن أن أنسى ذلك الرجل الكريم في الأيام الأولى التي وجه لي فيها الدعوة، عندما التفت لي مبتسماً وهو يلعّب حواجبه قائلاً: إذا وصلنا للجزيرة يا مشعل ما عليك (إلاّ أن تطبّ وتتخيّر).
وما عرف أنني فعلاً طبيت في بيتي على أرنبة أنفي، عندما تعثرت الليلة البارحة بحقيبتي المغلقة. الله لا يعاقبني.