بقلم - مشعل السديري
ذكر لي رجل عن حجته قبل 70 عاماً، وقال: ذهبنا إلى منى محرمين بعدما تزودنا من المياه في القرب، حيث لا يوجد في منى ماء إلا نادراً، وهي مكان واسع وكثير الأشجار بعدما نصبنا خيمتين واحدة للرجال وأخرى للنساء، ومن أراد أن يقضي حاجته فعليه بالجبال أو الأشجار الكبيرة، وفي اليوم التاسع توجهنا إلى عرفات صباحاً محرمين ملبين بعدما أخذنا بعض الضروريات وإحدى الخيام وذهبنا في طريقنا إلى عرفات كان هناك زحام كثير لا من كثرة السيارات ولكن من قلة الشوارع، وفي أول أيام العيد ذهبت أنا وأبي لشراء الهدي من المنحر فبدأنا نبحث عن المناسب وهل نشتري كبشاً لكل واحد منا، فبينما كنا ندور إذا بثور هائج قد واجهنا وهو يقع ويقوم ويتجه يميناً ويساراً وشاهدنا في رقبته أكثر من سكين والدماء تسيل منه بغزارة فبدأ الناس يهربون منه في كل اتجاه، وفي أثناء هروبنا منه وقعت إحدى رجليّ في بطن إحدى الذبائح المتروكة، حيث لم تكن هناك جمعيات خيرية تجمع هذه اللحوم وترسلها إلى الفقراء كما هو موجود الآن، والحمد لله وقد اتسخ إحرامي من هذا الوضع وتألم ظهري من شدة الوقعة.
لا أريد أن أقول له: (تعيش وتاكل غيرها)، ولكن أقول: إن وقعتك الشديدة وتألم ظهرك، طهور لك إن شاء الله، عموماً فقد تبدل الحال، فبعد أن كان الحج لا يؤديه الإنسان إلا بمشقة قصوى، أصبح الآن وكأنه رحلة سياحية، وإليكم بعض الخدمات:
توفير مواصلات نقل حديثة قطارات وباصات آخر موديل، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في مساعدة الحجاج لتحديد جميع المواقع والمرافق والخدمات المتعلقة بالحجاج أو بما يحتاجون، ورسم خطة تنقل للمشاة والمركبات بمرونة كبيرة تجعل التنقل في أسهل وأيسر طريق، والمراقبة الجوية بما يجعل متابعة التفويج مرحلة سهلة، وتوفر الفنادق ومرافق السكن الحديث التي تحتوي على مميزات فندقية، وتوافر الأكل بالطرق الحديثة من مصانع أغذية وتغليف وتعليب تجعل الأكل يصل للحاج طازجاً وسهل الأكل ومستوى نظافة عالٍ جداً، أما الهدي والأضاحي فقط يسدد المبلغ وتقوم جهات موثوقة وذات اختصاص بكامل العملية نيابة عن الحاج حتى وصولها لمستحقيها، وبالنسبة إلى رمي الجمرات لم تعد هناك مشقة لجمع الحصى، فكل عدد من الحجارة مقدم لك في كيس مغلق، وما عليك إلا أن ترجم الشيطان في مكان أنيق فسيح من دون مشقة، بعيداً من زحمة أيام زمان، وتطاير الأحذية والنعال واللعنات على الشياطين.