بقلم - مشعل السديري
فاجأ الرئيس التركي إردوغان العالم بتحويل متحف آيا صوفيا بإسطنبول إلى مسجد، بطريقة استعراضية فجّة.
وقد اعتبرت المعارضة أن قرار الرئيس هذا ما هو إلاّ توظيف للقضية لتحويل الأنظار عن الإخفاقات الاقتصادية والسياسية لحكومته، وآخرها تدخله الأهوج في ليبيا.
واعترضت على قراره هذا دول عديدة، منها الولايات المتحدة وفرنسا واليونان وبريطانيا وألمانيا وروسيا والفاتيكان، والكنائس الأرثوذكسية حول العالم، واليونيسكو التي ذكرت أن ذلك سوف يثير انقسامات كبيرة، خصوصاً أن السعودية منذُ عهد الملك عبد الله دعت إلى حوار الأديان، والبعد عن أي استفزازات أو صراعات طائفية.
وهذه الخطوة الرعناء تأتي خارج سياق مسار التعايش المشترك المسيحي - الإسلامي، والتي كانت أبرز تجلياته بصدور وثيقة الأخوة الإنسانية، التي انتهت باللقاء التاريخي بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر.
فأين إردوغان هذا من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما تسلم مفاتيح بيت المقدس من البطريرك سفرونيوس، قال: يا أهل إيلياء لكم ما لنا وعليكم ما علينا، ثم دعاه البطريرك لتفقد كنيسة القيامة، فلبى دعوته وأدركته الصلاة وهو فيها فالتفت إلى البطريرك وقال له: أين أصلي، فقال: مكانك صل، فقال: ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجداً، وابتعد عنها رمية حجر وفرش عباءته وصلى.
إن تحويل آيا صوفيا التي بنيت قبل 900 سنة إلى مسجد في هذا الوقت الخطأ، يعتبر ضرباً من الغباء، أو في أهون الأمور هو ضرب من الاستفزاز الذي في غير وقته ولا مكانه، وكأنه تأليب على المسلمين.
والتغريدة غير المضحكة هي التي أطلقها الرئيس باللغة العربية لدغدغة مشاعر العرب، وهي نقيضة لتغريدته باللغة الإنجليزية لدعوة السياح لدخولها كمتحف، لتعرفوا أنه يلعب على الحبلين وكأنه في سيرك.
ويا ليت إردوغان مع بعض كبار «الإخوان» يبررون تصريحاتهم التي لا تعارض الشذوذ - وكلها مسجلة - وإليكم ما قاله بالفم المليان:
من الضروري أن نعترف بحقوق المثلية وينبغي أن تكون محمية من قبل القانون في ضوء حقوقهم وحرياتهم الشخصية.
ومع شديد الأسف أن القيادي الإخواني راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس، قد أكد أيضاً في حوار أجراه معه الصحافي الفرنسي أوليفيه رافتيلو، أنه يرفض تجريم المثلية الجنسية، معتبراً أن كل شخص حر في ميوله!!
فهل ما قاله الاثنان مجرد توارد خواطر، أم أن هذا هو فكر «الإخوان» الشاذ ونحن لا نعلم؟!... يا للمصيبة.