«شارع حيفا» من سجن كبير إلى فوضى عارمة

«شارع حيفا».. من سجن كبير إلى فوضى عارمة

«شارع حيفا».. من سجن كبير إلى فوضى عارمة

 العرب اليوم -

«شارع حيفا» من سجن كبير إلى فوضى عارمة

بقلم: طارق الشناوي

عندما لمحنى محمد لطرش بين الحضور، مخرج الفيلم التسجيلى الممتع «زينات الجزائر والسعادة» فى أول لقاء مباشر بيننا داخل قاعة عرض (السينماتيك) المتحف وأيضا الأرشيف السينمائى الجزائرى، قال لى مداعبا «سوف أتحدث بالمصرية»، قطعا لم تكن مصرية خالصة فهى مزيج من العامية المصرية والجزائرية وقليل من الفرنسية، بينما فى مكتب استقبال الفندق عندما طلبت جرائد ورقية باللغة العربية، لأن قسطا وافرا من الجرائد تطبع بالفرنسية، قالت لى الموظفة بابتسامة وأيضا على الطريقة المصرية «أحضرت لك جرائد (على كيف كيفك)»!!، وأمام باب الفندق التقيت بمصور فوتوغرافيا لم يكتف بالحوار باللهجة المصرية، ولكنه أسمعنى أغنية كتبها على الطريقة المصرية لم تحتفظ الذاكرة إلا بهذا المقطع «إنت العذاب إنت/ والحب معناه إنت» وطلب منى أن أرسلها لعمرو دياب قلت له عمرو حاليا وصل فى آخر أغانيه (يا قمر) لمغازلة (سبع ستات)، وأنت طموحك لم يتجاوز ست واحدة!!.

أشعر أننا مقصرون ثقافيا وفنيا فى حق الجزائر، يجب أن نعاود إرسال الأفلام هناك، وعودة الحفلات الغنائية.

داخل أرشيف السينما الجزائرى، وجدت العديد من أفيشات السينما المصرية القديمة فريد شوقى وفريد الأطرش وسعاد حسنى وغيرهم، أتمنى أن نعيد هذه السوق مجددا، وأن نستعيد أيضا الإنتاج السينمائى المشترك، مثلما كان يفعل يوسف شاهين فى عدد من أفلامه واشهرها «الاختيار».

ولا يزال المخرج والمنتج الجزائرى أحمد راشدى كما قال لى بحوزته سيناريو فيلم «لا» قصة مصطفى أمين سيناريو وحوار حسن فؤاد والذى كان من المنتظر أن يلعب بطولته عبد الحليم حافظ، وقال لى راشدى إنه يفكر فى إعادة الحياة للمشروع مجددا، قطعا سوف يعيد فى هذه الحالة كتابة السيناريو. ملحوظة راشدى بحوزته قصة «لا» بخط يد مصطفى أمين والتى كتبها أثناء سجنه منذ عام ١٩٦٤ حيث هربها الكاتب والصحفى اللبنانى محمد سعيد فريحة- الذى كان على علاقة طيبة بالرئيس جمال عبد الناصر ولهذا حصل على تصريح بزيارة مصطفى أمين- القصة ذهبت إلى عبد الحليم الذى أرسلها بدوره إلى أحمد راشدى، وتحليلى أنهم جميعا فى السجن وخارجه كانوا يعلمون بأمر هذه القصة، وتلك تستحق إطلالة أخرى.

هذا العام فى (وهران) احتفالية خاصة بالسينما العراقية التى نادرا ما نجدها فى دور العرض العربية، رغم أنها واحدة من السينمات الراسخة رغم ندرة الإنتاج.

أتوقف أمام فيلم «شارع حيفا» للكاتب والمخرج مهند حيال، الذى أراه دليلا على قدرة الفنان على اختراق حتى المستحيل، انتقل الفيلم، بين العديد من المهرجانات داخل وخارج عالمنا العربى، وتعددت جوائزه، كما أنه عرض جماهيريا فى أكثر من بلد عربى ومنها مصر.

كيف يواجه السينمائى العراقى الأزمة ويجد منفذا للإنتاج؟، غالبا يشارك فى الدعم المادى أكثر من جهة، إليكم هذه المعلومة، لا توجد رقابة مسبقة فى العراق، الفنان يقدم مشروعه ويتحمل وحده المسؤولية السياسية والاجتماعية وأيضا الجنائية، لو تقدم أحدهم بدعوى قضائية لمصادرة المصنف الفنى، الوجه الآخر للصورة لا توجد بنية تحتية للصناعة، تهالكت الاستديوهات والتقنيات فى العراق، كما أن الفنان الذى يعمل مصادفة يعانى قطعا، ولكن الرغبة فى التعبير تتملك الفنان ليجد فى نهاية الأمر منفذا للتعبير، إغلاق الباب يُصبح هو الدافع أحيانا لاكتشاف الشباك!!.

دعونا قبل أن تداهمنا المساحة المتاحة نتوقف سريعا أمام «شارع حيفا»، المخرج شارك فى كتابة السيناريو، مهند حيال قرر أن يطل على الحياة من خلال لقطة تبدو ثابتة إلا أنها تحرك الأحداث.. رجل أربعينى يذهب لشارع حيفا، دائما فى كل مدينة تجد شارعا يبدو وكأنه يمثل القلب، وهكذا فى بغداد يأتى «شارع حيفا»، الأحداث تجرى فى عام ٢٠٠٦، يتقدم بطل الفيلم لخطبة امرأة، ولكن تصطاده طلقة قناص، يطل عليه من بناية مقابلة، إنه ابن هذه السيدة، تأتى الرصاصة من يد مدربه، لتستقر فى ساقه، حتى يصبح عاجزًا عن الحركة، والقناص يحيط الجميع بسياج من الخوف، لا يسمح لأحد بالاقتراب، شارع (حيفا) تاريخيًّا هو أكثر الشوارع فى دولة العراق الذى تعرض لعنف طائفى وعرقى، فهو يضم الجميع كما أن له دلالته السياسية، فلقد كان به قصر الرئيس الأسبق صدام حسين، وبه العديد من المؤسسات التى كانت تحكم مفاصل الدولة، وشهد الشارع أكبر مذابح دموية عاشتها دولة العراق بعد سقوط نظام صدام بسبب تلك التقسيمات الدينية والعرقية.

الفيلم يكثف الصراع ويقفز فى دلالته الإبداعية فوق سور الزمان والمكان، تبدأ الأحداث بكلمات تروى المأساة، هذا هو أول يوم لى فى بغداد الذى غادرته قبل عشرين عاما، كنا فى سجن كبير صرنا فى فوضى كبيرة، كل شىء تغير بهذه المدينة ورائحة الدم فى كل مكان، وفى الفوضى لا تستطيع على وجه الدقة تحديد الهدف، القناص ليس إرهابيا أو قاتلا ولكنه أيضا ضحية، هانت الأرواح على الجميع وبات الكل لا يدرى لمن توجه إليه الرصاص، ومن الذى يستوجب عليك حمايته؟، الفيلم يضع الجميع فى مرمى نيران الغضب، وتعبير الفوضى التى صارت مسيطرة على المشهد برمته تستطيع أن تدركه فى كل تفاصيل (الكادر)، الذى كان ينقلنا دائما بين الخاص والعام، نعم الأحداث فى جزء من الشارع، ولكن فى تلك المساحة، استطاع مهند أن يرسم لنا مأساة وطن وعذاب النساء والرجال والأطفال وعشوائية القتل المجانى.

وتبقى قضية يطرحها الفيلم بعيدا عن سياقه الدرامى، حرص المخرج على أن يتضمن فيلمه كتابة على الشاشة باللغة العربية البسيطة (المحايدة) التى تقف بين العامية والفصحى، حتى يصل معنى الحوار المسموع بلا أى لبس أو معاناة للجمهور، وهى قضية شائكة تواجه الفنان العربى عادة فى المغرب العربى، ويثير الاقتراح قدرا لا ينكر من الحساسية، رغم أنها ولا شك تلعب دورا إيجابيا لصالح الشريط السينمائى، عندما يتلقى المشاهد كل التفاصيل بدون خوف من أن يضيع المعنى بسبب المحلية المغرقة فى دلالاتها.

«شارع حيفا»، ليس مجرد شريط سينمائى، ولكنه رسالة تبعث فى قلوبنا الطمأنينة على حال السينما فى دولة العراق، وتؤكد أن السينمائى مهما حاصرته القيود، يستطيع أن يجد منفذا يطل منه على العالم، ليجعل المستحيل ممكنا!!.

arabstoday

GMT 11:44 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أكتوبر بين الغباءِ والعمالة

GMT 11:43 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الذكرى التالية

GMT 11:41 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

مفاجآت عام السنوار

GMT 11:39 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

زفرات اللغو

GMT 11:11 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

نووي إيران... الحقيقي

GMT 11:08 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الكلية الانتخابية والثقة بالديمقراطية الأميركية

GMT 11:06 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طهران... فاجعة نصر الله وإشكالية الرد

GMT 11:04 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صوفيا لورين... أم بريجيت باردو؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«شارع حيفا» من سجن كبير إلى فوضى عارمة «شارع حيفا» من سجن كبير إلى فوضى عارمة



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:01 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

نجمات تألقن على منصات عروض الأزياء
 العرب اليوم - نجمات تألقن على منصات عروض الأزياء

GMT 06:18 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الخزانة ذات الأدراج قطعة أثاث مهمة في غرفة النوم
 العرب اليوم - الخزانة ذات الأدراج قطعة أثاث مهمة في غرفة النوم

GMT 18:45 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شمس الكويتية تغنّي حواراً بين فيروز وزياد الرحباني
 العرب اليوم - شمس الكويتية تغنّي حواراً بين فيروز وزياد الرحباني

GMT 01:26 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

استقالة كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
 العرب اليوم - استقالة كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر

GMT 00:20 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتجسس على أصدقائها.. فما البال بأعدائها؟!

GMT 00:42 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إيران باتت تدافع عن نفسها

GMT 22:40 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يعلن استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية

GMT 23:19 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

غارات إضافية على الضاحية الجنوبية لبيروت

GMT 19:52 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في السودان

GMT 17:23 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلى يعترض مسار طائرة إيرانية فوق العراق

GMT 23:25 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما

GMT 02:58 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاحتلال يستهدف مناطق متفرقة في الجنوب ويقتل المدنيين

GMT 23:17 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يتصدى لـ30 قذيفة أطلقت من لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab