بقلم : طارق الشناوي
حققت النسخة الخامسة من «جوي أووردز» قفزة جماهيرية أبعد من سقف الخيال. حالة من الإبهار تجذب العين والوجدان. رهان متعدد على الجوائز بمختلف أنماطها، لا تتقيد بحدود الجغرافيا، ولا محددات التاريخ. وفي كل دورة تزداد معدلات المتعة مع اتساع درجة المصداقية، تمنح من ينال الجائزة اعتزازاً وفخراً، وهذا طبعاً هو الهدف الأسمى لأي مسابقة، منذ أن عرف الإنسان مثل هذه التظاهرات في العالم أجمع.
من السهل جداً أن تعزى زيادة معدلات المتابعة والمصداقية التي تحققها جائزة «جوي أووردز»، إلى توفر الإمكانات المادية. أرى تلك أشبه بحجة البليد الكسول، الذي لا يريد المذاكرة لأنها تتطلب جهداً، ولهذا لا يعترف بأنه رسب لأنه لم يؤدِ واجبه، بل لأن الآخرين أسعد حظاً منه، ويعود مجدداً إلى ممارسة الحرفة التي يجيدها وهي الكسل «غير اللذيذ». النجاح في جزء منه يعتمد على توفر الإمكانات، إلا أنها وحدها لا تكفي، لو لم يقف وراءها عقل يقظ يختار بدقة ما ينبغي أن يحلم به، لو لم يفعل ذلك ستتناقض الأحلام، ويحطم بعضها بعضاً. تكثيف ما نتابعه في «جوي أووردز» وغيرها إلى مجرد توفر رأس مال، أرى فيه محاولة لتبرير الفشل، لمن لم يحقق يوماً النجاح، علينا أن نتأمل، كيف تدار تلك المنظومة، التي تخترق أي سقف وتحطم كل جدار، يحول دون تحقيق الحلم.
هناك عقل داخل هيئة الترفيه التي يدير دفتها المستشار تركي آل الشيخ، يحسب كل شيء بدقة، يبدأ من حيث انتهى الآخرون، مدركاً أنه لا يخترع العجلة، بل يركب الصاروخ.
لو تأملت الجوائز ستجد تفاعلاً بين الفن والترفيه والرياضة، وأيضاً بزوغ العمق الاجتماعي في منح جوائز للمؤثرين، الأعمال الفنية التي حققت رواجاً جماهيرياً، رشقت أيضاً في الوجدان، لديكم مثلاً الأرقام التي شهدت لكل من أنغام وتامر عاشور في تداول الأغاني، لم تكن مجرد أرقام استثنائية، بقدر ما كان يكمن في تلك الأغاني عمق الإحساس، فحصدت كل هذا النجاح، وهذا ما يضمن لها الاستمرار.
تلك الإطلالة العالمية لعشرات من الوجوه الأميركية والأوروبية والهندية مع جوائز الأعمال العربية، لعبت دور البطولة في منح تلك الجوائز صدارة المشهد، الحرص على أن يظل المسرح قادراً على إثارة الدهشة سواء لمن يشاهدونه داخل القاعة أو عبر قناة «إم بي سي»، حقق للحفل، حالة من الشغف، هناك عين اهتمت بكل تلك التفاصيل، الإضاءة تلعب دوراً، حركة الكاميرا، سيناريو تتابُع توزيع الجوائز على المسرح محسوب بدقة، التنوع بين تكريم الكبار والراسخين والوجوه الجديدة، وأيضاً لم ننسَ الراحلين، لا يخلو الأمر من إطلالة خارج عالمنا العربي، ليصبح حفل «جوي أووردز» له بعده العالمي.
التحرك بثبات ورشاقة بين مختلف تلك المجالات، تطبيقاً لنظرية الأواني المستطرقة، حتى يرتفع المنسوب في اتجاه ما، يجب أن يواكب ذلك وبالدرجة ذاتها ارتفاعاً في الأواني الأخرى، وهكذا نتابع كل هذا الحضور للفن السعودي بكل تنويعاته.
وإذا كان حفل جوائز الأوسكار الأميركي (96 دورة)، يحظى بالمركز الأول عالمياً، في الاهتمام والمتابعة، فهو المسابقة السينمائية الأهم التي نترقبها من عام لعام، فإن فعالية «جوي أووردز» تسير بخطى سريعة وواثقة على هذا الطريق.