لماذا نغنى للعنصرية

لماذا نغنى للعنصرية؟

لماذا نغنى للعنصرية؟

 العرب اليوم -

لماذا نغنى للعنصرية

بقلم: طارق الشناوي

(آفة حارتنا) ليست (النسيان) كما قال أستاذنا وفخرنا نجيب محفوظ، ولكن التكرار معصوب العينين، كم مرة قرأت تلك الكلمات، حسنة النية نهنئ (الأخوة الأقباط)، والذين ننعتهم أحيانا بدرجة نراها رفيعة بـ(شركاء الوطن)، وكأننا فى مشروع (شركة)، وقد نطلق عليهم تعبيرا أكثر فجاجة (الآخر)، القبطى بالنسبة للمسلم أخ وشريك وآخر، والعكس أيضا صحيح، بينما الحقيقة أنهما واحد. مع الأسف، نعتبر كل هذه الصفات عنوانا للمحبة، بينما ظلال الكلمات توحى بالتفرقة، حتى لو كان الغطاء الخارجى يبدو وكأنه قطعة من السكر. أحرص فى كل الأعياد التى لها عمق دينى على أن أكتب تهنئة لكل المصريين، سواء كان عيد ميلاد هجرى أم قبطى، التهنئة واحدة، لكل المصريين، عدد من أغانينا الشهيرة التى تتغنى بالوحدة الوطنية، لو تأملتها حقيقة ستكتشف أنها تعمق لروح التفرقة والفرقة.
بمجرد أن أطلق سيد درويش بكلمات بديع خيرى فى ثورة 19 (أنا المصرى كريم العنصرين) ونحن نرسخ ومع سبق الإصرار والإضرار وبدون أن ندرى للعنصرية البغيضة، نغنى لها ونباركها، بينما الأغنية تقول إننا عنصران مسلم ومسيحى، على عكس كل الدراسات العلمية، التى تؤكد أننا عنصر واحد (الجينات) واحدة، فكيف إذن يصبح (كريم العنصرين)؟.

الزمن كان يمنحنا إحساسا مغايرا، لم تكن هناك فتنة طائفية، ولكن محاولات قام بها المستعمر فى محاولة للنيل من مصر، ظل المصريون صامدين، لأن التربة نفسها لم تكن تسمح إلا بالتغاضى عن أى موقف صغير، نضعه فقط فى سياقه، وأغلب ما يعكر صفو الحياة هو أن نُخرج الحكاية- أى حكاية- عن سياقها الزمنى والنفسى ونعيد قراءتها، بعيدا عن كل تلك المحددات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

سوف أروى لكم حكاية وأترك لكم الحكم عليها، أعتذر بداية عن البوح مباشرة بالأسماء، لأنى بصراحة لم أستأذن أصحابها، وأخشى لو استأذنتهم بالنشر بعد كل هذه السنوات، أن يشعروا ببعض الحرج لاختلاف الزمن وفروق التوقيت، فلا يُصبح من حقى أن أبوح بشىء، الحكاية بطلتها إعلامية كبيرة.

التقينا فى لجنة تحكيم أحد مهرجانات الإذاعة التليفزيون قبل نحو 20 عامًا، فى مدينة الإنتاج الإعلامى، وهو المهرجان الدرامى والبرامجى الأهم عربيًا، ولكننا منذ ثورة 25 يناير، لا أدرى لماذا توقفنا عن إقامته!، رغم أن الظرف الذى نعيشه يفرض علينا ذلك.

قالت الإعلامية، «على فكرة أنا فى الحالتين داخلة الجنة»، لم نفهم بالطبع ماذا تقصد بالحالتين، قالت إنها وشقيقها قد تم تعميدهما، وروت التفاصيل، أنها كانت تقطن بجوار دير، وكانت تذهب مع شقيقها إلى الكاهن فى الكنيسة يلعبان ويأكلان الفاكهة ويشاركان أحيانًا فى الغناء الدينى بكل المناسبات، وشعر الكاهن طبقًا لمعتقداته الدينية وقناعته بأنهما لا يمكن أن يدخلا الجنة، لأنه لا يدخل الجنة إلا من تم تعميده، فقام بتعميدها، ما تبقى فى ذاكرة الإعلامية الكبيرة أن الكاهن كان يحبها هى وشقيقها، وما فعله أسلوب فى التعبير عن شدة الحب، فهو يريدهما فى الجنة، ماذا لو حدث هذا الموقف الآن؟، سواء كان الطفل مسلمًا أم مسيحيًا؟، أنتم قطعًا تعرفون الإجابة!!.

الزمن كان يمنحنا وقتها قدرًا من المرونة فى التعامل حتى مع ردود الفعل الجانحة، الآن أقصى ما نفعله أن نغنى للعنصرية (أنا المصرى كريم العنصرين)، ونطلق على القبطى أخًا وشريكًا وآخر. واجب علينا أن نعيد التوقف أمام كل ما نعتبره متوارثًا لا يجوز الاقتراب منه، يكفى فقط أن نقول (أنا المصرى)

arabstoday

GMT 00:09 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

GMT 00:05 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ماذا بعد «نورة»؟

GMT 00:03 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

سقوف حوار افتراضي مع «حزب الله»

GMT 23:35 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

دولة لا غنى عنها

GMT 07:55 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

فينعِق!

GMT 07:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

اصطدمت بجبل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نغنى للعنصرية لماذا نغنى للعنصرية



إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:27 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

هجوم بـ"سكين" يصيب 3 أشخاص في مترو بفرنسا

GMT 05:29 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

مصرع 15 شخصا في أميركا بسبب أعاصير تكساس

GMT 00:03 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

سقوف حوار افتراضي مع «حزب الله»

GMT 23:35 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

دولة لا غنى عنها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab