«د هنو» بين تغيير لون السجادة وإعادة البناء الاستراتيجي

«د. هنو» بين تغيير لون السجادة وإعادة البناء الاستراتيجي!

«د. هنو» بين تغيير لون السجادة وإعادة البناء الاستراتيجي!

 العرب اليوم -

«د هنو» بين تغيير لون السجادة وإعادة البناء الاستراتيجي

بقلم: طارق الشناوي

لا أنكر أن هناك آمالا متعددة تجسدت فى تلك اللحظة الزمنية الفارقة فى تاريخ مصر، مع تعيين وزير الثقافة الجديد الفنان التشكيلى أحمد فؤاد هنو. كُثر يشعرون أن أعظم وأعمق ما تملكه مصر مهدد بالضياع، متمثلا فى إبداعها ومبدعيها، وبرغم أن هناك مبالغة و(فوبيا) مرضية، تسيطر على الموقف، دفعت البعض منا لقراءة خاطئة للكثير من العناصر الفاعلة فى الحياة الفنية والثقافية، إلا أن لا أحد ينكر الأزمة التى نعايشها مع بدء ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى الآن، والتى دفعت الدولة إلى تغيير وزير الثقافة عددا يقترب من العشر مرات فى تلك الحقبة الزمنية المحدودة، ولا أنكر عليهم جميعا رغبتهم فى الإصلاح، ولكن مع كل الاحترام لهم ولتجاربهم افتقدوا الجرأة فى اتخاذ القرار، باستثناء دكتورة إيناس عبد الدايم، التى تمتعت بقدر لا ينكر من الخيال فى إدارة المنظومة، إلا أن المطلوب للإصلاح الآن هو الاقتحام بعمق أكثر لحسم ما تعانيه حياتنا الثقافية، إيناس حاولت تغيير السجاجيد والأثاث وأبقت على القصر كما هو بينما الآن المطلوب هو إعادة بناء قصر مصر الثقافى من أول وجديد.

وزير الثقافة الذى وضع البنية التحتية لهذا الصرح منذ نهاية الخمسينيات هو د. ثروت عكاشة، وتعددت الأسماء ليطل علينا وزير الثقافة التاريخى الفنان التشكيلى الذى امتلك الجرأة والخيال، كما أنه تمتع بدرع واق وحماية سياسية، أتحدث عن الفنان الكبير فاروق حسنى العاشق المتيم الذى لا يزال حتى الآن وهو بعيد عن السلطة يمنح الثقافة فكره ووجدانه وأيضا أمواله، ليقدم لنا حالة استثنائية فى العشق للعطاء، أزعم أننى لم أصادف أبدا مثلها طوال التاريخ.

عندما اقترب موعد لقائه لأول مرة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك عند إعلان التشكيل الوزارى اقترحوا عليه أن يحلق شعر رأسه، ولكنه لم يستسغ أن يبدأ رحلته مع الدولة بتنفيذ هذا الأمر الذى رآه مجرد إطار خارجى، هم اختاروه ليس بسبب تسريحة الشعر ولكن لما هو تحت الشعر.

ولا يوجد حاليا أمامنا سوى أن نمسك بالخيال ونحاول فك شفراته وإحالتها إلى واقع.

سوف أروى لكم واقعتين عايشتهما مؤخرا، الأولى من مهرجان (كان) شهر مايو الماضى والثانية من ميدان العتبة وتحديدا السبت الماضى فى المسرح القومى.

فى مهرجان (كان) تعودنا- وأنا شاهد عيان منذ أن بدأت رحلتى الأولى إلى (كان) عام ١٩٩٢- أن نعقد مؤتمرا صحفيا لإعلان فعاليات الدورة القادمة، وأتصور أن الأستاذ سعد الدين وهبه منذ ١٩٨٥ مع بداية توليه المسؤولية وهو يفعل ذلك، ولكنى لم أكن وقتها شاهد عيان ولهذا أضفت تعبير (أتصور)، إلا أننا كان لدينا جناح يرفرف فوقه العلم المصرى.

فى السنوات الأخيرة لم يعد لدينا جناح لأسباب مادية، الميزانية لا تسمح، وهذه الدورة لأول مرة لم نعقد مؤتمرا صحفيا، رغم أن المهرجان توقف العام الماضى بسبب مذابح غزة وكان ينبغى أن يشرح رئيس المهرجان حسين فهمى للإعلام الدولى من خلال المؤتمر بعض الخطوط العريضة للدورة القادمة، ميزانية المؤتمر كما علمت لا تتجاوز ٣ آلاف يورو ولكننا لم نفعل، وخسرنا نقطة إيجابية عندما تتابع الصحافة والفضائيات العالمية المؤتمر الصحفى تضمن لنا دعاية مجانية، وسوف أتناول تفاصيل أخرى متعلقة بالمهرجان وكيف أرى الحل، ولكن سأروى لكم الواقعة الثانية لأن بينهما شيئا مشتركا ونحن نحاول معا العثور على حل.

ذهبت لمشاهدة مسرحية (مش روميو وجولييت) للمخرج المخضرم عصام السيد وشعر أمين حداد، بطولة على الحجار ورانيا فريد شوقى وميدو عادل، العرض محاكاة موسيقية ليس لروميو وجولييت ولكن لنفى روميو وجولييت، ولهذا أضاف كلمة (مش) لأن البطل والبطلة مختلفان فى الديانة؛ الرجل مسيحى والفتاة مسلمة، ولهذا كان ينبغى أن ينكر من العنوان أى شبح علاقة عاطفية، فقط الصداقة هى ما يريد تأكيده، وهكذا فكريا هبطنا درجة، لأننا اعتبرنا الصداقة بين مسيحى ومسلمة صارت تشكل مأزقا اجتماعيا.

سوف أتناول المسرحية بالتفصيل فى مقال قادم، العرض تعوزه الإمكانيات المادية، الغناء والموسيقى المصاحبة تم تسجيلهما والممثلون بلاى باك يحركون شفاههم، فى الكثير من الأجزاء، قطعا تقليص الميزانية، حال دون تحقيق ذلك وأصبح دور المخرج الكبير هو إقناعنا أنهم يغنون (لايف) والموسيقى أيضا (لايف). أذكركم أننا نتحدث عن أعرق مسرح مصرى بل هو عنوان مصر، لم نستطع توفير الميزانية اللائقة، وعلينا بعدها أن نقول نحن الريادة.

واقعتان كما ترى بينهما من الناحية الشكلية مسافات، إلا أن الحل واحد.

المسرح القومى كمبنى يعانى من تدهور فى الصيانة بداية من الكراسى المتهالكة والسجاجيد التى تئن وهى تنتظر التجديد ودورات المياه التى لا تراعى فيها الحدود الدنيا من الآدمية.

يجب أن نشرع فى فتح الباب لعقول اقتصادية متحررة من الروتين، من الممكن أن يشارك فى مسرحية مثل (مش روميو وجولييت) الفضائيات والمنصات من خلال تعاقد مسبق لتقديم دعم مادى، مقابل العرض، توجه آخر من خلال غطاء قانونى يجب أن يتحرك لمواجهة ضآلة الإمكانيات لتجاوز ذلك إلى خلق داعمين من خارج ميزانية الدولة المحدودة.

مهرجان (القاهرة) لو قارنت ميزانيته بـ(الجونة) لاكتشفت أننا نلعب بجوارهم.

فى عام ٢٠١٤ اتخذت الحكومة من خلال لجنة السينما التابعة لوزارة الثقافة أسوأ قرار وهو أن تقيم مهرجان القاهرة، وكانت قبل ذلك تكتفى برعاية المهرجان، تعدل المنطوق الرسمى ليصبح من (المهرجان يقام تحت رعاية وزارة الثقافة) إلى (وزارة الثقافة تقيم المهرجان)، وصارت قبضة الدولة بكل ما تملكه من روتين متوارث هى المتحكم فى التفاصيل، وكنت ربما الصوت الوحيد الذى عارض هذا القرار، وصارت قدرة رئيس المهرجان على الحركة محدودة، كما أن تسويق المهرجان من خلال الرعاة تقلص كثيرا، كان محمد حفظى الرئيس السابق للمهرجان أكثر قدرة على إقناع الرعاة من حسين فهمى، وفى كل الأحوال، يظل القيد الأساسى أن الدولة تقيم المهرجان.

أكثر من رجل أعمال مثلا أعلن استعداده لتمويل جناح يرفرف عليه العلم المصرى على شاطئ الريفييرا فى (كان)، ولكن مؤكد عند التنفيذ سوف يصطدم بالروتين.

قصور الثقافة التى لعبت دورا مؤثرا منذ مطلع الستينيات وكانت هى حائط الصد الأول ضد الأفكار المتطرفة تحولت إلى خرابات فى العديد من القرى، الدولة- لنكن صرحاء- لا تملك حاليا إمكانيات للإصلاح ولا لترميم أفلامنا التى هى ذاكرتنا، يجب أن نبدأ التغيير من العمق القانونى المكبل لانطلاق قاطرة الثقافة المصرية، أيضا الرقابة، الأمر يحتاج إلى جرأة فى تحطيم كل تلك المعوقات التى أدت لاغتيال عشرات من الأفكار.

صرنا نطل شزرا ونتأبط شرا، على أى عمل فنى يحصل على جائزة من الخارج فى مهرجان عالمى.

التغيير الاستراتيجى هو فقط الحل، بينما السجادة لن يجدى أبدا تغيير لونها، ولا حتى استبدالها بأخرى، علينا أن ننسف استسلامنا لفكر الفقر!.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«د هنو» بين تغيير لون السجادة وإعادة البناء الاستراتيجي «د هنو» بين تغيير لون السجادة وإعادة البناء الاستراتيجي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab