«أشأم عاد» و«قتلوه قتلهم الله»

«أشأم عاد».. و«قتلوه قتلهم الله»

«أشأم عاد».. و«قتلوه قتلهم الله»

 العرب اليوم -

«أشأم عاد» و«قتلوه قتلهم الله»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

النفس البشرية في النصوص الدينية معصومةٌ، يحرم قتلها وإيذاؤها، هذا هو الأصل في الأديان السماوية الثلاث، ولكن الخطابات الدينية التي تفرعت عنها حدث فيها انحرافاتٌ عقديةٌ وتطرفاتٌ فرعيةٌ جعلت الأصل هو استباحة النفس البشرية والحض على قتل الناس والاستهانة بالإنسان روحاً ودماً وحياةً، وفي تراثنا الإسلامي من ذلك الكثير. العمليات الانتحارية نازلةٌ من النوازل التي تناولها الفقهاء بالرفض والتحريم لأسبابٍ دينية واجتماعية وسياسية، وإن أيدها بعضهم مثل «الإخواني» المعروف يوسف القرضاوي وغيره، ومثل هذا مسائل متعددة بني عليها كل الإرهاب الحديث منذ «جماعة الإخوان المسلمين» و«جماعة السرورية» وكل ما تفرع عنهما من جماعاتٍ وأحزابٍ مهما تعددت أسماؤها واختلفت توجهاتها، وقد قاموا جميعاً بالانتقاء المنظم من «النصوص الدينية» ومن «أقوال الفقهاء» القدماء وركبوا خطاباً جديداً شديد التطرف والتكفير ومتوحشٌ وبشعٌ في تعامله من النفس البشرية.

تاريخ هذا الخطاب المتطرف قديماً وحديثاً شاهدٌ على عنفه ودمويته، حتى وصل الحال بكثير من المنتمين إليه إلى تصفية بعضهم بعضاً، وفشا بينهم التكفير والقتل والمعارك والحروب على مسائل صغيرة وخلافاتٍ محدودةٍ، وقد ساعدت على تفجره وتفشيه في العقود الأخيرة تنظيمات العنف الديني مثل «تنظيم القاعدة» و«تنظيم داعش» وغيرهما كثيرٌ، وهو يمتطي دائماً أحداثاً سياسيةً أو حروباً شرسةً أو مظالم فاضحةٍ هي أبعد ما تكون عن العدالة، ثم يتم توظيف هذا كله من قبل بعض الدول الكبرى على المستوى الدولي أو المؤثرة إقليمياً تحت شعاراتٍ ومفاهيم فيها الصحيح وفيها الخاطئ، ولكنها توضع جميعاً في بوتقةٍ واحدةٍ لا تؤدي إلا إلى الشرور والعنف والدماء.

في التراث الإسلامي ثمة حديثٌ نبويٌ بالغ التعبير عن أن التطرف قد يؤدي بالإنسان إلى قتل أقرب الناس إليه، بناءً على جهله بالدين وحماسته غير المنضبطة، فعن جابر بن عبدالله قال: خرجنا في سَفَر فأصاب رجُلا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رُخْصَة في التَّيمم؟ فقالوا: ما نَجِد لك رُخْصَة وأنت تَقْدِرُ على الماء فاغْتَسَل فمات، فلمَّا قَدِمْنَا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: قَتَلُوه قَتَلَهُم الله ألا سَألُوا إذ لم يعلموا فإنَّما شِفَاء العِيِّ السؤال، إنما كان يَكفيه أن يَتيمَّم ويَعْصِر-أو يَعْصِب- على جُرحِه خِرقَة، ثم يمسح عليها، ويَغسل سائر جسده. «قتلوه قتلهم الله» بهذا النص الواضح سمّاهم قتلةً وسمى فعلهم قتلاً ودعا عليهم الرسول الكريم نظراً لبشاعة وشناعة فعلهم، وهذا يصح على كثيرٍ من الأحداث المعاصرة والقديمة التي تختطف فيها جماعةٌ أو تنظيمٌ دولةً بأكملها أو منطقةً برمتها، ثم تعرضها لأنواع الحروب والمهالك التي تودي بحياة الأطفال والنساء وكبار السن، دون أن تكون لهم يدٌ في أي من القرارات التي تتخذ رغماً عنهم وإن باسمهم، ثم تختبئ تلك التنظيمات وقياداتها وعناصرها فيما يحميهم من شرور الحرب ودمويتها وعنفها في داخل الكهوف ونحوها، كما جرى في أفغانستان وفي العراق وسوريا، وكما يجري اليوم في مناطق متعددة من العالم.

بعض هذه الجماعات والتنظيمات يصح عليها المثل العربي الذي يقول «أشأم من أحمر عاد» وهو قاتل الناقة في قوم النبي صالح، الذي جرّ عليهم العقوبة والفساد والهلاك، ففنوا بسببه وبسبب فعله، وهو تحديداً ما تصنعه بعض هذه الجماعات والتنظيمات وما تجره على الناس من حروبٍ ومجازر وحروبٍ وشرور. أخيراً، فقد قال زهير بن أبي سلمى في معلقته الشهيرة: فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم... كأحمر عادٍ، ثم ترضع فتفطم.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أشأم عاد» و«قتلوه قتلهم الله» «أشأم عاد» و«قتلوه قتلهم الله»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab