قوات «فاغنر» انتصرت في «أوكرانيا» فهاجمت «موسكو»

قوات «فاغنر»... انتصرت في «أوكرانيا» فهاجمت «موسكو»

قوات «فاغنر»... انتصرت في «أوكرانيا» فهاجمت «موسكو»

 العرب اليوم -

قوات «فاغنر» انتصرت في «أوكرانيا» فهاجمت «موسكو»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

الانتصار القاسي في الحروب يغري بارتكاب الحماقات؛ فعندما انتصر صدام في حربه مع إيران ارتكب حماقة غزو الكويت التي أودت بنظامه، وتجنَّبت بريطانيا أي حماقة بعدم انتخاب تشرشل بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية، وروسيا تاريخها طويل مع الانقلابات والتمردات والشخصيات المثيرة؛ من روسيا القيصرية مروراً بالاتحاد السوفياتي وصولاً إلى روسيا الاتحادية، ومغامرة يفغيني بريغوجين لن تكون محمودة العواقب عليه شخصياً ولا على روسيا.

بعد عامٍ ونصف العام من الحرب الروسية - الأوكرانية، كانت موسكو تبدو رابحة في الحرب رغم قسوتها وشدتها في مقابل الدول الغربية التي صعَّدت ضغوطها لدرجات غير مسبوقة، وبدت وكأنها بلا طائل ولا تحقق شيئاً من أهدافها، وكانت تتراكم في روسيا التوترات القوية بين قيادة الجيش الروسي ووزارة الدفاع، ومجموعة «قوات فاغنر» العسكرية الخاصة التي خاضت أقسى المعارك داخل أوكرانيا، ولكن أحداً لم يتنبأ بأن تعلن هذه القوات تمردها العسكري وتخرج من أوكرانيا وتعلن توجهها عسكرياً وقتالياً إلى موسكو عاصمة روسيا.

هذا تحول دراماتيكي خارج عن أي منطقٍ سياسي أو عسكري، فجأة أعلن بريغوجين قبل ليلتين خروجه بقواته من أوكرانيا واستحواذه على مدينة روستوف الروسية ذات الموقع الاستراتيجي والأهمية الاستثنائية في خطوط الإمداد للحرب في أوكرانيا. وبعد روستوف، أعلن أنه سيتوجه شمالاً إلى ليبيتسك، ومنها إلى موسكو العاصمة، وقال: «نحن نواصل، وسنذهب إلى النهاية»، وبعد الهجوم على قيادات الجيش صعَّد هدفه بعد خطاب الرئيس بوتين ليعد برئيسٍ جديدٍ لروسيا.

هذا السيناريو العجيب، لم يتحدث عنه محللون أو مراقبون للأوضاع في الحرب الروسية - الأوكرانية على الإطلاق، ولكن تحدثت عنه سيناريوهات شبيهة له في روسيا العديد من أفلام «هوليوود» عبر عقودٍ من الزمن، حيث يتمرد جنرالات روسٌ على السلطة المركزية في موسكو، ويستحوذ بعضهم على «أسلحة نووية»، ويشكلون تهديداً خطيراً للعالم وأمنه؛ فهل يمكن أن يصل بريغوجين لشيء شبيه بتلك السيناريوهات المرعبة؟

يعلم العالم أن «قوات فاغنر» قوات عسكرية خاصة درَّبتها وشكلتها ودعمتها وطورتها روسيا لتكون أخف حركة وأسرع انتقالاً لأماكن الحروب، واتصفت بوحشية قتالية وتكتيكات فعالة وتدميرية، ولا تتحمل روسيا تبعات تصرفاتها كدولة، وقد استخدمتها روسيا في القرم وفي شرق أوكرانيا 2014 و2015 ثم في سوريا وفي ليبيا وأفريقيا، وعادت قبل عامٍ ونيفٍ إلى روسيا لتخوض الحرب في أوكرانيا وصولاً إلى إعلان التمرد قبل يومين.

ما زالت الأحداث ساخنة وتتطور وتتلاحق بصورة سريعة، ولم تتشكل لها صورة واضحة بعد؛ قائد قوات «فاغنر» تربطه علاقة شخصية بالرئيس بوتين، وقد انتظر الجميع كلمة بوتين التي لم تتأخر؛ فاتهمه بالخيانة العظمى، وهدد بملاحقته والقضاء المبرم عليه بقوة وقسوة، وكان هذا الخطاب متوقَّعاً من بوتين؛ فلا يمكن أن يرضى أي رئيسٍ بتمردٍ ميليشياتٍ عسكرية على قواته المسلحة وجيشه، والسؤال هنا: كيف ستواجه الدولة الروسية بجيشها واستخباراتها وقواتها الأمنية مثل هذا الحدث الاستثنائي في مثل الظروف العصيبة التي تمر بها روسيا؟ والجواب سيتضح سريعاً بسرعة الأحداث المتتابعة.

وتظل الأسئلة أكثر من الأجوبة؛ فكيف يمكن تصور أن قوات «فاغنر» العسكرية الخاصة المكونة، مما يقارب الخمسة وعشرين ألف مقاتلٍ يمكن أن تصمد أمام ثاني أقوى جيشٍ في العالم؟ وكيف يمكن لها بتسليحها الخفيف والمتوسط الوقوف أمام جيش يمتلك كل عناصر القوة الضاربة بكل المقاييس العسكرية المعترَف بها دولياً؟ وهل لقائد هذه القوات علاقة بالهجوم الغربي الصارم وغير المسبوق على روسيا وعلى الرئيس بوتين؟ وكيف يمكن له أن يضمن خطوط إمداد لقواته وهو يستهدف العاصمة الروسية موسكو؟ وأسئلة لا تنتهي في مواجهة حدثٍ استثنائي وغير متوقعٍ بهذا الحجم.

في موقفه الأول، اعتبر الرئيس بوتين أن «الرد على أي تمردٍ سيكون صارماً وحاسماً وقاسياً»، وأن تصرفات قوات «فاغنر» تُعتبر «طعنة في الظهر» و«تمرداً مسلحاً»، وأن من نظموا هذا التمرد «خونة» من الداخل، وأن «من ينظم العصيان يحاول دفع البلد للاستسلام والحرب الأهلية». وأضاف أن «أي اضطرابات داخلية تشكل تهديداً قاتلاً للدولة، وهي بمثابة صفعة للشعب الروسي»، ولا يتوقع من رئيس أي دولة أن يتخذ موقفاً أقل صرامة من موقف بوتين القوي.

استشعاراً لحجم الخطر الذي يمكن أن يشكله مثل هذا التمرد على العالم بأسره لا روسيا فحسب؛ فقد جاءت ردود الفعل من الدول الغربية محذرةً ومتوجسةً من العواقب، بينما جاءت من أوكرانيا متشفية، وهذا أمرٌ طبيعي؛ فأوكرانيا تخوض حرباً شرسة مع روسيا ولا يتوقع منها غير ذلك.

بوتين يتحدث عن «الخيانة» و«التمرد»، والمخابرات الروسية تتحدث عن «تقسيم البلاد» و«الحرب الأهلية»، والرئيس الشيشاني رمضان قديروف يصطف مع بوتين والجيش الروسي ويهدد «باستخدام أساليب قاسية»، بينما صعد بريغوجين هجومه من رئيس هيئة الأركان إلى وزير الدفاع وصولاً إلى الرئيس بوتين، وتحدثت الأنباء عن دعوة إلى تمردٍ مشابهٍ في بيلاروسيا المجاورة لروسيا ورئيسها المتحالف مع بوتين.

هذا حدث استثنائي وكبير، وهو يغير كثيراً من قواعد اللعبة في المواجهة الروسية الغربية الكبرى والحرب الباردة بين الطرفين، كما يغير من قواعد اللعبة في الحرب الروسية الأوكرانية، فالمواقع التي أخلتها قوات «فاغنر» قبيل الهجوم الأوكراني المضاد ستسهل مهمة القوات الأوكرانية بشكل كبيرٍ، وانشغال الجيش الروسي بمواجهة التمرد العسكري سيجعل من الصعب عليه تعويض قوات «فاغنر» في وقت قصيرٍ، والنجاحات العسكرية الروسية التي بُنيت في عامٍ ونصف العام تقريباً يمكن أن تضيع وتصبح هباءً منثوراً في أيامٍ أو أسابيع.

«الميليشيا» تبقى «ميليشيا» في كل الأماكن والأزمنة، لا يمكن للميليشيا أن تفكر كدولة، وربما كان خطأ روسيا يكمن في إعادة قوات «فاغنر» مجدداً إلى روسيا، بعدما خرجت منها قبل سنواتٍ لتخدم أهداف روسيا العسكرية في سوريا وليبيا وأفريقيا، وتصبح خدماتها معروضة في الأسواق والنزاعات الإقليمية والدولية، ويعرف مواطنو دول الاضطرابات في الشرق الأوسط جيداً كيف يمكن أن تنقلب تلك «الميليشيات» على الدولة والشعب تحت شعاراتٍ وطنية أو طائفية أو دينية.

أخيراً، فالحدث في روسيا ما زال ساخناً، ولم تتكشف أبعاده بعد، ولكن تسارع الأحداث سيكشف التطورات.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوات «فاغنر» انتصرت في «أوكرانيا» فهاجمت «موسكو» قوات «فاغنر» انتصرت في «أوكرانيا» فهاجمت «موسكو»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
 العرب اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab