إيران ثورة الشعب الحلوة

إيران... ثورة الشعب الحلوة

إيران... ثورة الشعب الحلوة

 العرب اليوم -

إيران ثورة الشعب الحلوة

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

احتجاجات الشعب الإيراني ضد النظام باتت ملء سمع العالم وبصره، وطبقت أخبارها الآفاق، فجديدها لا يتوقف ومساحتها لا تضيق، وأعداد المنخرطين فيها لا تنقص، بل تزيد، وهي تحمل معالم ثورة في طور التشكل.
«الثورات الحلوة» مصطلح أطلقه المرشد الأعلى للنظام الإيراني إبان ما كان يعرف بـ«الربيع العربي» قبل أكثر من عقدٍ من الزمان، محرضاً للشعوب العربية على الثورة ضد أنظمتها السياسية، وقد جاء اليوم الذي يذوق فيه الشعب الإيراني «الثورة الحلوة» ضد هذا المرشد ونظامه وأجهزته الأمنية والعدلية.
مصطلح «الثورة» ومفهومها لا ينطبق علمياً على الكثير من الأحداث التي يتم إطلاقها عليها في منطقتنا، وأكثر دولتين تستخدمان المصطلح للتعبير عن الأحداث هما إيران ومصر، ولكل منهما سياق مختلف، وعلى الرغم من هذا التحفظ العلمي فإن الاحتجاجات والانتفاضات في إيران لها ميزتان أساسيتان: الاستمرار والتوسع، ويقابلها النظام بطريقته التي لا يعرف غيرها: القمع والقتل، إما في الشوارع والمواجهات الميدانية وإما عبر «محاكم التفتيش» التابعة له.
«الثورة» على «الثورة» هي ملخص ما يجري في إيران، فالشعب الإيراني الثائر والمحتج والمنتفض هدفه وغايته هي إسقاط «الثورة» التي يسميها النظام على مدى أربعة عقودٍ إسلاميةً، والنظام ورموزه وأجهزته يصرّون على أن الشعب الإيراني عبارة عن «عملاء» و«خونة» وأن النظام هو الذي يمثل «الثورة» في مفارقة لا تخطئ العين رصدها.
إصرار النظام الإيراني على أفكاره القديمة ومبادئه البالية وأساليبه المهترئة في مواجهة الشعب دليل فقرٍ ذهنيٍ وعجزٍ فكري عن افتراع الجديد والتأقلم مع التطورات، ونظام بهذه الصفة يصاب بالحيرة، وهي حيرة واضحة تنبئ عنها تخبطاته الواضحة في التعامل مع الاحتجاجات سياسياً وأمنياً وإعلامياً ودينياً، وقد وصلت به الحيرة إلى أن دخلت مرحلة التصفيات لبعض رموزه ومسؤوليه، فحيرته أورثته شكوكاً عميقةً في منظومته كاملةً فعاث في بعض رجالاته سجناً وقتلاً بنفس التهم التي يطلقها على الشعب.
المقارنة منهجٌ علميٌ يساعد على كشف المشاهد المتشابكة، ويمكن للمتابع أن يرصد موقفين ضخمين على المستوى الدولي فيما يتعلق بالعقوبات الدولية؛ الأول، العقوبات ضد النظام الإيراني، والثاني، العقوبات ضد روسيا، والنظر هل هي مواقف متماثلة وتستند إلى نفس المنطق وذات التأثير أم ثمة فروق ينبغي رصدها؟
روسيا دخلت شرق أوكرانيا عسكرياً قبل عامٍ تقريباً لهدف وغايةٍ محددة تأتي ضمن صراعاتٍ محلية داخليةٍ وصراعاتٍ دوليةٍ قديمةٍ بين روسيا والغرب، وهي تختصرها في المناطق الشرقية لأوكرانيا وألا تكون خنجراً في خاصرة روسيا، بينما النظام الإيراني يحارب في أربع دولٍ في المنطقة، في العراق وسوريا وفي لبنان واليمن، وهو أكبر داعمٍ لنشر الإرهاب و«استقرار الفوضى» وتجارة المخدرات وأكبر مهددٍ لطرق التجارة الدولية وأسواق الطاقة العالمية، وأهدافه وغاياته هي التوسع الإمبراطوري وبسط النفوذ عبر آيديولوجيا «ثيوقراطية» طائفية عنيفة.
على الرغم من كل هذا التباين في المشهدين فإن العقوبات الغربية جاءت متباينة في الموقف تجاه الدولتين، ففي مواجهة روسيا صعّدت العقوبات بشكل غير مسبوقٍ في التاريخ الحديث وأوصلتها إلى حدّ تهديد النظام الدولي ومؤسساته وتماسكه بسرعة فائقة وسعة وانتشارٍ ضخمٍ وفاعلية أرادت لها أن تكون آنيةً ولحظيةً، وسعت لإجبار دول العالم للانخراط معها رغباً ورهباً.
بالمقابل، فإن العقوبات الغربية ضد النظام الإيراني بطيئة ومحدودة وغير فاعلة، وتمنحه مخارج منها بين فترة وأخرى، وهي بنت معه «الاتفاق النووي» سيئ الذكر قبل سنواتٍ وتستميت لإعادته وإحيائه على الرغم من كل العوار الذي يعتريه واحتجاجات دول المنطقة على نقصه وعدم فائدته، وعندما أثبتت الاحتجاجات الإيرانية استمرارية وتوسعاً بدأت تخرج على استحياء عقوباتٌ غربيةٌ جزئية وضيقة وغير فاعلة، تتهم أشخاصاً أو جهاتٍ معينةً وتعد بمواجهتها أو تصنيفها ولكن من دون أي رغبةٍ حقيقيةٍ في تطبيقها وضمان تأثيرها، وهي على كل حالٍ أقرب لمحاولة حفظ ماء الوجه لا أقل ولا أكثر.
تحدث ولي العهد السعودي قبل سنواتٍ بصراحته المعهودة عن التعامل الغربي مع النظام الإيراني في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي في باريس، وتساءل في حينه سؤالاً واقعياً ومنطقياً فقال: «ماذا لو في عام 2025 أصبح بين إيران وبين إنشاء قنبلة نووية أيام معدودة؟»... وهذا التساؤل تحديداً هو ما يشغل شعوب المنطقة ككل ويدور في أذهان المواطنين وتعمل للاستعداد للإجابة عنه الدول والحكومات ولا يستطيع أحدٌ أن يركن للموقف الغربي تجاه تهديدٍ دوليٍ خطيرٍ كهذا.
بعض الإدارات الأميركية أبانت صراحةً بالسياسات والمواقف وبالتصريحات الرسمية أنها غير متزنة على الإطلاق في التعامل مع النظام الإيراني من جهة ومع دول المنطقة الأخرى من جهة مقابلة، وهذا الموقف تحديداً كان بالغ الأثر في إعادة ترتيب توازنات القوى في المنطقة والعالم، والذي أسهمت فيه السعودية ومعها عدد من دول الخليج والدول العربية، وأثر بشكل واضح على العديد من الاستراتيجيات والرؤى الحاكمة لواقع المنطقة ومستقبلها.
بعد انتصار الجمهوريين في الكونغرس الأميركي بدأ طرح أسئلة مهمةٍ عن سياسات الإدارة الديمقراطية ومن أهمها الانسحاب الأميركي المستعجل والمتهور من أفغانستان قبل عامٍ ونيفٍ، وهو الانسحاب الذي أثار الدهشة لدى جميع المراقبين في حينه، وسلّم أفغانستان لقمة سائغة لحركة طالبان تحت مزاعم لا يسندها دليل ولا يعضدها تحليل بأن الحركة تغيرت وتطورت والعالم كله شاهدٌ على استمرارها في نفس سياساتها وآيديولوجيتها، وموقفها من المرأة مجرد مثالٍ في هذا السياق.
إذا كانت أميركا نفسها تحاسب إدارتها على مثل ذلك الانسحاب المعيب فإن الشعب الأفغاني المغلوب على أمره لا يستطيع فعل شيء تجاه ما جرى ويجري اليوم، والسؤال المهم في هذا السياق، هل تعتقد أميركا أو الدول الغربية فعلاً أن دول المنطقة الحية والقوية والمتوثبة للتقدم والنهوض والرقي يمكن أن تضع نفسها وشعوبها ومصالحها في يد دولٍ عظمى لا تحسن تقدير الأوضاع الدولية ويمكن أن تتخلى عن حلفائها بقراراتٍ مستعجلة وغير محسوبة؟ أي عاقلٍ أو محللٍ رصينٍ فضلاً على صانع قرارٍ سيعلم أن هذا لا يمكن أن يحدث.
أخيراً، فمن المعلوم أن ثورة الشعب الإيراني «الحلوة» لن يكون لها نفس الطعم لدى النظام.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ثورة الشعب الحلوة إيران ثورة الشعب الحلوة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 العرب اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 20:53 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تنفي بشكل قاطع وجود أي تعاون عسكري مع إسرائيل
 العرب اليوم - مصر تنفي بشكل قاطع وجود أي تعاون عسكري مع إسرائيل

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة
 العرب اليوم - بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 00:00 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أمينة خليل تكشف بداياتها الفنية وصعوبات دورها في "شقو"
 العرب اليوم - أمينة خليل تكشف بداياتها الفنية وصعوبات دورها في "شقو"

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:14 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مسؤولية حزب الله

GMT 02:44 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "أوسكار" يقتل ثمانية أشخاص في كوبا

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 05:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 14:32 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نعيم قاسم يؤكد أن برنامجه هو متابعة نهج سلفه حسن نصرالله

GMT 12:13 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يعتقل أكثر من 100 فلسطيني في شمال غزة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما

GMT 01:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يرد على منتقديه في تجمع انتخابي بولاية جورجيا

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ما عدا ذلك فى ليبيا

GMT 22:03 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مجلس الأمن يحذر من محاولات تفكيك أو تقليل عمليات الأونروا

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 11:52 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى علوي تعلن انتهاء تصوير "المستريحة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab