«التدليع» الغربي لإيران

«التدليع» الغربي لإيران

«التدليع» الغربي لإيران

 العرب اليوم -

«التدليع» الغربي لإيران

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

التدليع في اللغة العربية يجمع معاني «الدلال» و«الغنج» و«الترف» في التعامل، وكما أنه مفسدٌ للتربية فهو مفسدٌ للسياسة، فكيف إذا كان طريقة استراتيجية للتعامل مع نظام شرسٍ ودموي يرعى الإرهاب وينشر الميليشيات؟
تصاعد العمليات الإرهابية والعدائية الإيرانية في شهر ونصف الشهر تقريباً يقابله تفهمٌ غربي واسعٌ وعدم استعداد للمواجهة واستماتة لإحياء الاتفاق النووي الفاشل مع إيران. التصعيد الإيراني الحوثي ضد السعودية قابله رفع تصنيف «ميليشيات الحوثي» إرهابية من قبل أميركا، والتصعيد الإيراني عبر الميليشيات التابعة له في العراق أصبح يومياً وبأكثر من طريقة ضد أميركا وضد استقرار العراق، والمسؤولون الأميركيون يؤكدون أنهم سيردون لحماية جنودهم، ولكنهم لا يريدون التصعيد، واستهداف مواقع لهذه الميليشيات في سوريا يأتي في هذا السياق.
النظام الإيراني يواجه استراتيجية «الدلال» الغربية له بكل شراسة وقوة لا في التصريحات فحسب، بل على الأرض ومن خلال نشر الفوضى والصواريخ والمسيّرات المفخخة والتفجيرات وجميع أنواع الإرهاب والسلوك الميليشياوي وإظهار العناد والإصرار على «استراتيجية» استقرار الفوضى وفرضها ونشرها من دون كللٍ أو مللٍ.
لا يمكن لحلفاء أميركا في المنطقة أن يتجاهلوا كل هذا الدلال الغربي للنظام الإيراني، لا يمكن غض الطرف عن تفاصيل يومية بتخفيف العقوبات هنا وهناك، وتصريحات الود واللين والتسامح، خصوصاً عند استحضار أن عدداً من المسؤولين الجدد لهم تاريخ لطيف مع النظام الإيراني ومواقف وتصريحات ورؤى سابقة تثير الشكوك في حجم الجدية المطلوبة في التعامل مع إيران.
بناء على خبرة عددٍ من هؤلاء فربما كان وراء الأكمة ما وراءها، هذا أمرٌ غير مستبعدٍ سياسياً، بمعنى أن المشاركين في بناء الاتفاق النووي بسرية تامة وبمعزل عن دول المنطقة الحليفة لأميركا وبغض النظر عن أولويات هذه الدول قبل سنواتٍ قد يقومون بإعادة إدارة الملف بنفس الطريقة، والتفاوض مع إيران من دون اعتبار لمصالح دول المنطقة، وما يطمئن في هذا السياق هو أن جزءاً مهماً من أسباب فشل الاتفاق النووي سابقاً هو رفض دول المنطقة له رفضاً قاطعاً، وهي دولٌ قادرة على إفشال أي اتفاق جديدٍ أو تجديد للاتفاق القديم لا يتواءم مع مصالحها، ودول المنطقة هنا ليست الدول العربية فحسب، بل إسرائيل أيضاً.

إدراك الدول الغربية للخطر الإيراني يختلف كثيراً عن إدراك دول المنطقة له، ففي حين يعتبره بعض الغربيين أحد الملفات المهمة حول العالم، فإنه لا يحظى بنفس الوعي والإدراك ومعرفة التفاصيل وقراءة المآلات المستقبلية المفروضة على دول المنطقة كأولوية قصوى، وفي حين لا يجد المسؤول الغربي بأساً عندما يخطئ في حساباته تجاه إيران فإن المسألة بالنسبة لدول المنطقة هي مسألة وجود وعدم.
يبدو تركيز الإدارة الأميركية على الملف اليمني جيداً وهي تظهر دعماً للسعودية ضد كل هذا العبث الحوثي واستهداف المدنيين بالصواريخ والمسيّرات التي تتصاعد ولا تتراجع وهي تدرك حجم ضبط النفس الذي تتبعه السعودية تجاه هذا العبث، وأن ضبط النفس هذا لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، وفي النهاية فالصواريخ والمسيّرات الحوثية كلها إيرانية الصنع والخبرة والتشغيل، ما يعيد الأمر دائماً إلى النظام الإيراني الذي لا تصدر قرارات الحوثي إلا عنه ومنه وبه.
النظام الإيراني أو نظام «ولاية الفقيه» هو النسخة الشيعية للإسلام السياسي، فهو مثل جماعة الإخوان السنية، فالاثنان لا علاقة لهما بالمذهب الشيعي أو المذهب السني، بل هما توجهان سياسيان يحملان آيديولوجيا متطرفة، ومن هنا يأتي الخلل في التصور الغربي للتعامل مع النظام الإيراني بوصفه دولة لا تحركها إلا المصالح السياسية فحسب، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، والخطأ في السياسات هو فرع عن الخطأ في التصور.
المذهب الشيعي الكريم هو أحد المذاهب المهمة في الإسلام، فهو أكثر مذاهب الأقليات انتشاراً وأتباعاً، والإسلام لا علاقة له بالإمبراطورية الفارسية من قريب أو بعيد، ولكن تصريحات المسؤولين الإيرانيين لا تنقطع قديماً وحديثاً، وخلال أربعة عقودٍ من عمر ما يسمى «الثورة الإسلامية» في إيران عن تمجيد واستحضار تلك الإمبراطورية البائدة وليس آخرهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي يستحضر تلك الإمبراطورية كلما احتد نقاشه مع المسؤولين الغربيين.
استماتة الأوروبيين لإعادة التفاوض مع طهران لا تخطئها العين، وردود فعلهم تجاه التعنت الإيراني هي نموذج واضح لهذا التدليع الغربي للنظام الإيراني الذي يظهر سلوكه السياسي مدى إدراكه لهذا الدلال واستمتاعه به واستفادته منه، فهو يضع الشروط ويصنع العوائق ويطالب برفع العقوبات من دون تقديم أي التزامٍ أو تعهد، والفرق بين سياسات النظام الإيراني قبل شهرين واليوم خير شاهدٍ على هذا السياق.
من خبرة النظام الإيراني في التفاوض أنه قادرٌ على إطالة أمد التفاوض إلى أمدٍ غير محدود مع حزمٍ وإصرارٍ وتنفيذٍ على الأرض لكل خططه في التوسع وفرض الهيمنة وإعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية التي لم يخفِ بعض كبار المسؤولين الغربيين السابقين إعجابهم بها وبتاريخها، واجتماع الدلال مع فقدان الحزم والعزم هو أنجح وصفة لخسارة المفاوضات مع هذا النظام العتيد.
بحسب هذه الصحيفة، الجمعة الماضي، فقد قدم هنري كيسنجر، وهو أحد ألمع الشخصيات السياسية الأميركية منذ عقودٍ، نصيحة لإدارة الرئيس بايدن بأنه يجب أن يدعم إعادة الاصطفاف «الرائعة» في سياسات الشرق الأوسط التي تحققت في ظل إدارة دونالد ترمب السابقة، مشيداً بالأداء الدبلوماسي لإدارة ترمب واستراتيجيتها ضد نظام إيران، ما يعني أن الخلاف داخل أميركا في الطريقة الأفضل للتعامل مع النظام الإيراني ما زال قائماً وقوياً، وهو ما يمكن لدول المنطقة العمل عليه لكسب مزيد من الحلفاء داخل أميركا لما يحمي المصالح المشتركة ويدرأ الشرور الإيرانية قبل أن تستفحل وتصبح مواجهتها أصعب مستقبلاً.
أخيراً، فالعقوبات القصوى كادت تعيد إيران لصوابها بينما استراتيجية التدليع والدلال تزيدها شراسة.  
arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التدليع» الغربي لإيران «التدليع» الغربي لإيران



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026
 العرب اليوم - ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:14 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مسؤولية حزب الله

GMT 02:44 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "أوسكار" يقتل ثمانية أشخاص في كوبا

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 05:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 14:32 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نعيم قاسم يؤكد أن برنامجه هو متابعة نهج سلفه حسن نصرالله

GMT 12:13 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يعتقل أكثر من 100 فلسطيني في شمال غزة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما

GMT 01:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يرد على منتقديه في تجمع انتخابي بولاية جورجيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab