انقلاب في ألمانيا الأفكار لا تموت

"انقلاب" في ألمانيا.. الأفكار لا تموت

"انقلاب" في ألمانيا.. الأفكار لا تموت

 العرب اليوم -

انقلاب في ألمانيا الأفكار لا تموت

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم عبدالله بن بجاد العتيبي

تنظيم من دون اسم خطط لإسقاط النظام والانقلاب على الحكومة والاستيلاء على المؤسسات الدستورية ويمتلك أيديولوجيا صارمة وتنظيماً مسلحاً ومستعد لارتكاب الجرائم في سبيل غايته، يقوده «أمير» ومعه مساعدون من قطاعات مختلفة من المجتمع، يبدو هذا السيناريو لائقاً بدول العالم الثالث، ولكن المفاجأة أنه حدث فعلياً في ألمانيا، الدولة الأوروبية الحديثة والقوية. تناقلت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام تفاصيل مثيرة عن هذا التنظيم أو الجماعة، وعناصرها بحسب «بي بي سي» البريطانية واحد وعشرون ألفاً، ولدى التنظيم مرشحون لوزارات مهمة وقد راقبوا مقرات الجيش والشرطة في سبيل إحكام تنفيذ الانقلاب، وقد اعتقلت السلطات الألمانية عدداً من رؤوس التنظيم ولم ينته التحقيق ولم تتجل الكثير من الحقائق بعد.

التطرف في السياسة مثل التطرف في الدين، ولكل فعلٍ ردة فعلٍ، واليسار الليبرالي في الدول الغربية أصبح لا يجلب لها إلا الخسائر الفادحة، وقد لام الألمان منتخب بلادهم لكرة القدم لخروجه مبكراً من كأس العالم بسبب تركيزه على قيم شاذة ومرفوضة عالمياً وانشغاله عن هدفه الأساس والرياضة الأشهر التي كان مرشحاً لنيلها، وهذا التطرف قابله تطرف يميني مضادٌ وصل به الحال لمحاولة انقلابٍ عنيفٍ على الحكومة.

ADVERTISING

في حديث على هامش أحد المنتديات الثقافية قبل شهرٍ ونيفٍ، كان واضحاً لدي أن تبعات الحرب الروسية الأوكرانية ستطال بعض الحكومات الأوروبية بوصف أوروبا هي «الضحية الثانية» بعد أوكرانيا بسبب التصعيد غير المسبوق أميركياً ضد روسيا وأن الشعوب المهددة بشتاء قارصٍ لن تصمت طويلاً، ولكن أبداً لم يخطر ببالي أو بال الزملاء الذين معي أن الأمر قد يصل لمحاولة قلب نظام الحكم عبر تنظيم سياسي مسلح.

في السياسة والاجتماع والدين لا يمكن تفسير الظواهر الكبرى بعاملٍ وحيدٍ أو سببٍ فردٍ، بل هي تراكمات مختلفة والتقاء لعدد من الأسباب تختلط فيه الأيديولوجيا بالخرافة بالسخط على الواقع فينتج مثل هذه المفاجآت التي تبدو خارج السياق التاريخي وخارج العقل والمنطق، والقصة لم تنته ولم تتكشف أبعادها الكاملة بعد، ولكنها ستوقظ الكثير من الأسئلة والمراجعات داخل ألمانيا وفي أوروبا والعالم.

الطروحات الأكاديمية الغربية في غالبها تعتقد أن الماضي قد انتهى بأيديولوجياته وقومياته وتطرفاته، مثلما يطرح البعض لدينا نهاية الصحوة والإسلام السياسي، وتضيف تلك الطروحات أن الديمقراطية القائمة في أوروبا والغرب هي «نهاية التاريخ» وهي «صالحة لكل زمانٍ ومكانٍ»، وهم يمارسون التنظير على كل شعوب الأرض حضاراتٍ وثقافاتٍ وأديانٍ بما يجب وما لا يجب في أنظمة الحكم وإدارة المجتمعات، وفجأةً خرج لهم هذا التنظيم الذي يمجّد «الرايخ» ويقوده «الأمير هاينريش الثالث عشر».

من السهل على العالم والباحث والدارس المجدّ اكتشاف أن الأفكار لا تموت، ولكن المستعجلين والأقل علماً ينزلقون بسرعةٍ لنتائج كبرى لا يدعمها العلم، ولا العقل ولا يسندها منطق التاريخ ولا طبيعة البشر، ومن السهل أيضاً أن يعلم الجميع أن هذا الأمر وإن جرى في ألمانيا، فهو غريب على سياقها الحضاري المعاصر، بينما لو جرى في بعض دول العالم الثالث لوجد سهولة في النجاح والاستمرار ضمن سياقها الحضاري المختلف.

التأكيد دائماً على اختلاف السياقات الحضارية والثقافات والمجتمعات هو أمرٌ يدعمه العلم والمنطق والموضوعية، في الموقف من الإرهاب وفي رفض ما كان يعرف بـ «الربيع العربي»، ولكن كثيراً من الناس تخدعه المظاهر ويستهويه «وهم التطابق» وتغريه «خديعة النماذج» فيتيه في القراءة والتوصيف قبل التحليل. أخيراً، فالمعرفة رائدٌ والعقل قائد والوعي مرشدٌ في مثل هذه اللحظات المفاجئة، والرائد لا يكذب أهله، والعقل عاصمٌ عن الزلل.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انقلاب في ألمانيا الأفكار لا تموت انقلاب في ألمانيا الأفكار لا تموت



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab