أمير الكويت «ينقذ» الكويت

أمير الكويت «ينقذ» الكويت

أمير الكويت «ينقذ» الكويت

 العرب اليوم -

أمير الكويت «ينقذ» الكويت

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

قدر القائد أن يقود، والرائد لا يكذب أهله، وفي خطاب أمير الكويت الأمير مشعل الأحمد الذي بثه التلفزيون الكويتي قراراتٌ تاريخية «لإنقاذ الكويت»، كما هو التعبير الأميري نفسه، وأن يضطر القائد لإنقاذ بلاده فهذا كافٍ لإيضاح حجم الخلل والانحراف القائم والمتراكم، وإذا اكتمل مشروع الأمير الكبير، فستدخل الكويت التاريخ مجدداً جنباً إلى جنبٍ مع أشقائها في دول الخليج العربي.

الأمير في خطابه تحدث بصراحة عن كل المشكلات والإعاقات والصعوبات التي دفعته لاتخاذ هذا القرار التاريخي، وهي معروفة للشعب الكويتي وواضحة للمراقب المهتم بالشأن الكويتي، وما زادها صعوبةً هو تراكمها على فتراتٍ طويلةٍ وتعقدها وتشابكها، وقوة ونفوذ المتصارعين في مؤسسات الدولة «التنفيذية» و«التشريعية»، واستخدامهم أساليب وأدوات صراعٍ مضرةً أشد الضرر بالبلاد والعباد، ولهذا قال الأمير: «إن هذا القرار جاء بعد أن وصل التمادي إلى حدود لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها»، مؤكداً «أنه كانت هناك مصاعب وعراقيل لا يمكن تحملها».

تدرج الأمير في مواجهة هذه الصعاب وأطال النفس، ولمّح ثم صرّح، والانحرافات تزداد وتتفاقم، وتتشعب وتتعقد، ولم يعد الجيل الشاب في الكويت يجد لها حلاً أو منها مخرجاً، لقد أصبحت «الدولة» الكويتية نفسها محل خطرٍ كبيرٍ ومحدقٍ من داخلها، ومحل تدخلات واختراقاتٍ من خارجها.

«جماعة الإخوان» وجماعات «إيران» أو «الإسلام السياسي» بشقيه السني والشيعي في الكويت، شكلوا خطراً ممتداً لعقودٍ من الزمن، ومن ينسى أن رموزهم كانوا ضيوفاً بارزين في «خيمة القذافي» للتآمر على الكويت «دولةً» وأميراً وشعباً، والتسجيلات المسربة حكت الكثير عن حاكم المطيري ومبارك الدويلة، وعناصر «تنظيم القاعدة» وورثهم عناصر «تنظيم داعش»، إذ كانت شعارات «داعش» ترفع علانيةً في شوارع الكويت، وبعض الشخصيات المعروفة تخطب وتصدر الفتاوى وتجمع الأموال من داخل الكويت تأييداً للتنظيم الإرهابي.

وأما جماعات «إيران» أو الإسلام السياسي الشيعي فقد كان اختراقهم أخطر لبعض الطبقات، ويكفي الاطلاع على تفاصيل «خلية العبدلي» وأسلحتها النوعية التي كانت كفيلةً بإسقاط نظام حكمٍ لا مجرد عملٍ إرهابيٍ، وعلى الرغم من هذا كله فقد خرج قائد الخلية من السجن مرفوعاً على الأكتاف، بناء على هذه الصراعات التي جعلت «الدولة» عاجزةً عن اتخاذ الموقف الصحيح والوطني الخالص، وهو ما أشار له خطاب الأمير تعجباً بالقول: «حتى وجدنا من أدين بالخيانة حراً طليقاً نتيجة لهذه الممارسات غير المقبولة».

«الديمقراطية» الخاصة في الكويت، لها تاريخٌ قديمٌ، وهي خيارٌ ارتضاه الكويتيون لأنفسهم، قيادةً وشعباً، ولكن «الديمقراطية» ليست مبدأ شاملاً وصائباً لا يتطرق إليه النقد، بل هي آليةٌ فرعيةٌ لمبادئ أكبر وأشمل مثل «العدالة» و«الحرية»، والحقيقة أن الديمقراطية فرعٌ، وأنها عند التطبيق تعتريها إشكالياتٌ كبرى، مثل «طغيان الديمقراطية» أو «طغيان العدد»، ومثل تطبيقها دون مراعاة ظروف الزمان والمكان وطبيعة البشر، ومن هذا أنها يمكن توظيفها واستغلالها لضرب «استقرار الدول» وأمنها ورخائها، ومن هنا فقد شدَّد الأمير على أنه «لن يسمح باستغلال الديمقراطية لتدمير البلاد».

نموذج الحكم في الكويت له طابع خاصٌ يختلف عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي، وقد لاحظ بعض مواطني الكويت والخليج العربي هذه الانحرافات التي تحدث عنها الأمير في «الديمقراطية»، وعبروا عن ذلك باستخدام مصطلح «الديمخراطية»، وذلك بإدخال مصطلح «الخراط» بمعنى الكذب وأصله فصيحٌ، وجاء في المعاجم من معاني «الخرّاط»: الكذاب.

أمير الكويت تحدث عن «هدم القيم الدستورية»، وإهدار «المبادي الديمقراطية»، والتدخل في «اختصاصات الأمير»، و«حقه الدستوري»، كما تحدث عن «الفساد» الظاهر والخفي، وعن «إهدار المال العام»، وفصَّل في الحديث عمّن «دخل البلاد على حين غفلة، وتدثر في عباءة جنسيتها بغير حق، ومن انتحل نسباً غير نسبه، أو من يحمل ازدواجاً في الجنسية، أو وسوست له نفس أن يسلك طريق التزوير للحصول عليها».

ليس أفضل من عبارات الأمير نفسه في وصف بعض الانحرافات التي تجاوزت المنطق والعقل وهو يقول: «وغدت قاعة عبد الله السالم بدلاً من أن تكون مكاناً لممارسة ديمقراطية حقيقية سليمة، مسرحاً لكل ما هو غير مألوف وغير مستحب أو مقبول من الألفاظ والعبارات، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعدى إلى الإفراط في استخدام حق الاستجواب، في كل صغيرة وكبيرة، مما أهدر القيمة الحقيقية لهذا الحق، بوصفه أداة راقية للمساءلة والمحاسبة، وليس وسيلة للابتزاز والتهديد أو طريقاً للحصول على مكاسبَ أو منافع شخصية».

«اضطراب المشهد السياسي» في الكويت كان خطيراً على الكويت وعلى جيرانها، وهو أمر أكثر خطورةً، وترك الحبل على الغارب للمنحرفين أو المؤدلجين أو الفاسدين، لن يجلب للكويت إلا مزيداً من الاضطراب والفوضى في زمنٍ شهدت فيه العديد من الدول العربية اضطرابات كبرى أسقطت أنظمةً سياسيةً إبان ما كان يعرف بـ«الربيع العربي».

«الدساتير» يجب أن تبقى برسم التطوير دائماً مع الحفاظ على الأسس والمبادئ، وهو تحديداً ما دفع الأمير إلى تجميد بعض مواد الدستور، وتكليف لجنةٍ مختصةٍ بمراجعتها وتعديلها بما يتناسب مع تطوّر العالم، وتطوّر الكويت دولةً وشعباً، وتغير المعطيات والتحديات والطموحات، ودون إصلاح «الحاضر» لا يمكن العمل باتجاه «المستقبل»، ولا رعاية «الأجيال» الجديدة.

على فتراتٍ متباعدةٍ، استغلت أطرافٌ داخليةٌ وخارجيةٌ الانحرافات في الكويت لملاحقة «مواطنين» كويتيين، والتضييق عليهم داخل بلادهم، وكذلك للتهجم على عدد من الدول الشقيقة والصديقة للكويت، وذلك عبر أموالٍ تدفقت بأرقامٍ ضخمةٍ من وإلى الكويت، وعبر شخصياتٍ اعتبارية لها طموحاتٌ خاصةٌ لا تعبأ كثيراً بمصلحة الدولة الكويتية والشعب الكويتي.

أخيراً، فلا تقام الدول ولا تنهض الأمم ولا تتطوّر الشعوب بالفوضى والمزايدات تحت أي شعارٍ دينيٍ أو قوميٍ أو سياسيٍ، و«الدولة» و«الشعب» في الكويت أهم من كل التيارات والتحزبات والولاءات الخارجية.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمير الكويت «ينقذ» الكويت أمير الكويت «ينقذ» الكويت



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab