دمع الأسيف

دمع الأسيف

دمع الأسيف

 العرب اليوم -

دمع الأسيف

بقلم - محمود خليل

خط الصلة الذي يربط ما بين نظرة "النقشبندية" إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه كأب مؤسس لطريقتهم في الذكر، وانتماء الشيخ محمد رفعت إلى هذه الطريقة من الخيوط التي تستحق التأمل. فالشيخ كان من المغرمين باقتناء الكتب، ويحرص على شراء كل جديد منها، ويعتمد على أولاده في قراءة ما فيها، والواضح -من تحليل تركيبته الشخصية- أنه كان شديد الشعف بالقراءة عن تاريخ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، بحثاً عن القدوة فيهم، وقد كان النبي يقول: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".

ويبدو أن الشيخ رفعت كان يجد نموذج إيمانه في شخصية أبي بكر الصديق، رضي الله عنه.

والمتأمل في سيرة أبي بكر يجد أن التركيبة الجسمية لشخص أبي بكر تشير إلى أنه كان شخصاً نحيفاً معروقاً، أي تظهر عروق جسده من يديه بسبب نحافته البالغة، التي كانت تبرز في ساقيه أيضا، عاني من انحناءة أو ميل في الظهر، غائر العينين، يميل لونه إلى البياض المختلط بصفرة الوجه.

التكوين العام لأبي بكر رضي الله عنه كانت تؤشر إلى ضعف بنيته الجسدية، لذلك لم يكن أبو بكر برجل اشتباك، وليس ثمة ما يشير إلى أنه اهتم بالأوضاع السياسية داخل مكة قبل بعثة النبي، بل انصرف اهتمامه الأكبر إلى التجارة، ومال إلى العزلة بعد أن ينهي عمله. وليس أدل على ذلك مما أشار إليه "ابن كثير" من أن أبا بكر حرم الخمر على نفسه قبل بعثة النبي، وأغلب الظن أن المسألة لم تكن مسألة تحريم، لكنها ارتبطت في الأساس بالتكوين النفسي والجسدي للرجل، فميله إلى العزلة دفعه إلى الزهد في مجالس الخمر التي كان عرب مكة ينصبونها مساء، كما أن ضعف بنيته الجسدية دعاه إلى الاحتراز مما قد يضعفها أكثر.ولعلك قرأت ما ذكره "ابن كثير" في كتابه "البداية والنهاية" من أن أبا بكر بنى له بعد أن دخل الإسلام مسجدا عند باب داره يتعبد ويصلي فيه، وكان المسجد لخاصة نفسه ولم يكن للناس عامة.

وأيضاً ما ذكره عن وصف "عائشة" لأبيها رضي الله عنهما من أنه رجل أسيف، وقيل في معنى "أسيف" أنه الرجل ضعيف البنية متهالك الصحة، أو الرجل الخاشع المتبتل الضعيف أمام خالقه. والصفتان ينطبقان على "الصديق"، كما تشهد على ذلك تجربته كإنسان. يضاف إلى ذلك المزج بين إحساس القلب وتأملات العقل في النظر إلى الأشياء، يشهد على ذلك موقفه في واقعة الإسراء والمعراج، حين سارع –دون الجميع- إلى تصديق الواقعة من منطلق أن قلبه يُصدّق صاحبها حين ينبئه الخبر الذي ينزل إليه من السماء، وبالتالي فمن العقل أن يصدق أن من يهبط إلى النبي بالخبر من السماء قادر بالبداهة على اصطحابه إليها، وحين خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس.

وقال: "إن الله عز وجل خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عنده"، ففهم أبو بكر الرسالة، وعلم بقرب صعود النبي إلى ربه.الواضح أن الشيخ محمد رفعت كان يضع سيرة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق أمام عينيه، فقد كان الشيخ محمد رفعت نحيف البنية، ميالاً إلى العزلة والتأمل، يحس الأشياء بقلبه، وينظر فيها بعقله، يحب التعبد والتقرب إلى الله تعالى، وكان مثل -أبي بكر- يبكي من فرط تأثره بالمعاني الجليلة للقرآن الكريم. وقد حكى الشيخ "أبو العينين شعيشع" في حوار تليفزيوني له مع الشاعر "أحمد فؤاد نجم" أن عيني الشيخ رفعت كانتا تفيضان بالدمع وهو يقرأ آيات الذكر الحكيم، لأنه كان يحس كل حرف فيها، ويذوب فيه قلبه، ويتأمله بعقله، فيفيض دمعه، رحمه الله.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دمع الأسيف دمع الأسيف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab