الظروف العنيدة

الظروف العنيدة

الظروف العنيدة

 العرب اليوم -

الظروف العنيدة

بقلم - د. محمود خليل

عام 1985 ظهر فيلم «الموظفون فى الأرض» فى دور السينما فى مصر، بطولة الفنان الراحل فريد شوقى، وإخراج أحمد يحيى، الفيلم كما تعلم يحكى قصة موظف كبير، على درجة وكيل وزارة، اضطر إلى احتراف التسول حتى يستطيع الإنفاق على أسرته، فى وقت كان زملاؤه يسرقون ويبنون العمارات، وكان بيده أن يفعل مثلهم، لكنه ترفع عن ذلك.

ينتهى الفيلم بمشهد شديد الإثارة يقف فيه وكيل الوزارة فى قفص المحاكمة يدافع عن نفسه، ويحكى للعدالة قصته، ووصوله إلى مرحلة عجز عن الإنفاق على أسرته، وقف أمامها حائراً أمام طريقين: يا أشحت يا أسرق، وقد اختار التسول.

الهدف من الفيلم -كما هو واضح من محتواه- يتمثل فى شرح الوضع الاقتصادى المتدنى الذى وصل إليه الموظفون، لكن الأثر الذى تركه فى عقول وأفئدة المشاهدين كان بالغ الدهامة، فقد اعتبر البعض أن عبارة: يا أشحت يا أسرق الأكثر تعبيراً عن الطريقين الأكثر نجاعة، اللذين يجب أن يسلكهما الفرد فى الحياة فى مواجهة الضغوط المعيشية. لم تكن على سبيل المثال فكرة الاجتهاد أو محاولة تحسين الأوضاع، أو القناعة والرضاء بالقليل، مطروحة، إلا قليلاً.

وأخشى أن أقول إن صناع الفيلم ساهموا نسبياً فى نشر هذه الفكرة: من خلال التركيز على ما تلقيه الدروس الخصوصية من عبء مادى على كاهل الأسرة، دون التفكير فى المسار البديل القائم على الاجتهاد الذاتى للتلميذ، فى محاولة للتواؤم مع الظروف العنيدة، وكذلك التركيز على تكاليف الزواج الباهظة، وعدم التفكير فى أن الوفاق مع القليل خير من عدم الاستقرار مع الكثير، وأن اللازم والمهم من متطلبات الزواج أجدى وأنفع من الكماليات التى ترهق الأسر.

التفكير البديل فى مواجهة ضغوط الحياة لم يكن حاضراً فى وجدان الكثيرين وهم يشاهدون فيلم «الموظفون فى الأرض»، بل بات بعضهم يرى أن الحل فعلاً فى أحد المسارين اللذين طرحهما البطل، السرقة أو التسول. أدى المسار الأول بالطبع إلى انتشار فساد ضرب بأطنابه فى العديد من مجالات الحياة، بدءاً من التسعينات. لا أقول طبعاً إن الفيلم كان سبباً فيه، فقد كان الواقع للأسف مهيأ له، وجاء الفيلم كمجرد أداة تنشيط أو تبرير للفكرة. وتنوعت صور وألوان الفساد ما بين السرقة الصريحة واستغلال النفوذ، أو الاستثمار فى الوظيفة، أو نهب البنوك، أو الاتجار غير المشروع، أو أعمال السمسرة التى تؤدى إلى التخريب وغير ذلك.

ومن لا يملك مربعاً يستطيع أن يلعب فيه لعبة الفساد اتجه إلى الطريق الآخر المتمثل فى «التسول». أصبح مد اليد طريقاً سهلاً بالنسبة للبعض للحصول على دخل، ولم تعد المسألة تتعلق بالحصول على غذاء أو كساء أو دواء، بل تمددت أهداف التسول إلى ما هو أبعد، وباتت السخرية من المتسولين الذين يمدون أيديهم من أجل دفع اشتراك خط الموبايل أو اقتناء أحدث جهاز صدر منه جزءاً من منظومة النكتة المصرية.

لم يضر الكثيرون أنفسهم بفكرة كما أضروا أنفسهم بهذه الفكرة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الظروف العنيدة الظروف العنيدة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab