سيف الجلاد

سيف الجلاد

سيف الجلاد

 العرب اليوم -

سيف الجلاد

بقلم - د. محمود خليل

الاغتيال المعنوى وتشويه صورة «أحمد عرابى» مثّل وسيلة ضمن عدة وسائل اعتمد عليها المحتل الإنجليزى فى تخريب الوجدان العام بعد سيطرته على البلاد عام 1882. فقد سعى إلى جوار ذلك نحو إغراق الشعب فى حالة «جلد للذات» أفقدت الشعب ثقته فى القدرة على التخلص من الإنجليز، إلا حين يطلع للرجل من هؤلاء شعر فى بطن يده، كما كان يُردّد الشيخ، وهو يحدّث السيد أحمد عبدالجواد فى رواية «بين القصرين».

اجتهد المحتل فى تهيئة المصريين لذلك عبر بث أفكار كاذبة ومكذوبة عن التخلف الذى يعيشه الشعب المصرى، وإحساسه التاريخى بالعجز أمام من حكمه منذ عصر الفراعنة وحتى عصر المماليك، ونظرته القدرية إلى كل شىء فى الحياة، مما يشجّعه على الاستسلام ويصرفه عن الأخذ بالأسباب، وأن على هذا الشعب أن يشكر المولى كثيراً للدور الذى يلعبه رُسل الحضارة من الإنجليز فى تطوير البلاد والعباد. لم يكن الإنجليز يكتفون بترديد هذه المقولات وغيرها بألسنتهم، بل كانوا يتعمّدون حشو عقول أو جيوب مصريين بها، ويدفعونهم دفعاً، نتيجة التأثر الثقافى أو تأثير المصالح، إلى ترديدها على آذان المصريين، فى مواجهة محاولات بعض الرموز الوطنية -مثل مصطفى كامل ومحمد فريد وغيرهما- لإيقاظ الشعور الوطنى بالذات المصرية، وظنى أن هذين الزعيمين وغيرهما أهملوا دحض الافتراءات التى يزعمها مصريون أمثالهم حول جهل الشعب وعدم قدرته على أن يحكم نفسه بنفسه، وأن نظرته القدرية إلى الحياة المتولدة عن الدين تجعله بحاجة إلى من يسوقه باستمرار.

شاعت هذه الضلالات بين قطاع من المصريين، وتولدت عنها أحاسيس أدت إلى دفع الكثيرين إلى الاستغراق فى جلد الذات، ووجدوا فى ذلك مهرباً جيداً من فكرة العجز عن مواجهة المحتل وإخراجه من البلاد، وحاول هذا القطاع بكل طاقته تثبيط قطاع آخر، لم يكن يبتلع الضلالات التى يشيعها المحتل، ويتّجه إلى الثورة والمقاومة، وأحياناً ما كان يُفلح فى ذلك، وأحياناً ما كان يُخفق.

مسألة جلد الذات لم تفرّق بين مصرى متعلم وآخر غير متعلم. فالمتعلمون تماهوا مع الإنجليز، وأعجبتهم ثقافتهم وطريقتهم فى الحياة، وباتت مصالحهم مرتبطة بمصالح الأجنبى المحتل، ولكى يبرّروا تعاونهم -أو تواطئهم- اتجهوا إلى اتهام الشعب بكل نقيصة، وأظهروا قدراً كبيراً من التعالى -إن لم يكن الاحتقار أو الازدراء- على الشعب، الذى كان يوصف من وجهة نظرهم بـ«الفلاحين» المستكينين فى الظاهر، الخبثاء فى الباطن، الذين لا يشغلهم فى الحياة سوى الأكل والتكاثر.أما غير المتعلمين فقد اتجهوا كما تعوّدوا إلى إنتاج الأمثال الشعبية التى يحمل محتواها جلداً عنيفاً للذات. وظنى أن الكثير من الأمثال التى تقوم على التهوين من شأن الذات فى قاموس الحياة الشعبية المصرية، مردّها العقود السبعة التى عشناها فى ظل الاحتلال الانجليزى.

من ذلك على سبيل المثال: المثل الذى يقول «إحنا شعب زمارة تلمه وعصاية تجريه»، وشقيقه الذى يقول: «لو دخلت بلد بتعبد العجل حش وارميله»، والثالث الذى يقول: «إن جاك الغصب خده بالرضا»، والرابع الذى يقول: «مين خاف سلم».. هذه الأمثال وغيرها حملت نوعاً من جلد الذات واتهامها، بالعبثية، والجبن، والتكالب على الحياة، والاستسلام، وغير ذلك من أمور، وأسهمت هى وغيرها فى تخريب الوجدان العام، ومؤكد أن المحتل الإنجليزى كان يسعد بها كل السعادة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيف الجلاد سيف الجلاد



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab