شيء لزوم الشيء

شيء لزوم الشيء

شيء لزوم الشيء

 العرب اليوم -

شيء لزوم الشيء

بقلم - د. محمود خليل

مشهد داخل فيلم "أبو حلموس" خلد فكرة النصب المنظم من أجل الحصول على أكبر قدر من المكسب القائم على فكرة "التهليب". يبدأ المشهد بسخرية "شحاتة أفندي" من ناظر الوقف الذي ينصب نصباً مفضوحاً على الملاك، فيشتري خروفاً بـ18 جنيها وكام قرش، وهو سعر مغالى فيه في ذلك الزمان، ويبدأ في تعليمه الكيفية التي يُسعّر بها طبقاً لنظرية النصب المنظم، فينصحه بأن يفكك "الشروة" على عدة بنود كالتالي: حبل ومخلة وجردل لأكل وشرب الخروف كذا، حكيم بيطري للعناية بصحة الخروف كذا، مزين لحلاقة شعر الخروف كذا، والنتيجة أن يضع أكثر من 180 وليس 18 جنيه كثمن شراء ورعاية للخروف.

رغم أن المشهد يعبر عن جانب من أحوال المجتمع المصري خلال فترة الأربعينات -العقد الذي أنتج فيها الفيلم- إلا أن المحتوى الذي يحمله ما زال يعيش معنا حتى اللحظة. وربما صادفت لعبة "الخروف والجردل" في بعض موقف الحياة اليومية.

على سبيل المثال اذهب لإصلاح كاوتش سيارة، واستمع إلى التفنيدة التي سيقدمها لك أحدهم لسد الخرم، فهناك بند نزع المسمار، وبند سد الخرم بخابور، وبند اللحام الداخلي، وبند اللحام الخارجي، وهكذا، وكل بند من هذه البنود له كلفة، ولو جمعت تكلفة كل بند فستعرف أن السعر الذي تعتبره كبيراً غير مغالى فيه (كذلك يقول لك من يصلح الكاوتش).

من الطبيعي أن يحاول كل إنسان التضخيم من قيمة عمله، أو من حجم المجهود الذي يبذله فيه، لكن أن يبرر أخذ أكثر من حقه مقابل هذا العمل، فذلك هو النصب بعينه. والعادة -كما تعلم- أكثر قانون يحكم الإنسان، فإذا تعود على شىء فإنه لا يسلوه، وذلك حال البعض مع فكرة "ألنصب المنظم".

فمن كثرة اعتيادهم عليها فإنهم ينشرون ثقافتها، والثقافة تنتقل بالعدوى من مجال إلى مجال حتى تضرب كافة جوانب الحياة.فبمرور الوقت لم تعد مسألة النصب المنظم تقتصر على الخروف والجردل أو خرم الكاوتشوك، بل تجاوزت ذلك إلى مجالات شديدة العجب، فتكلفة الدرس الخصوصي لم تعد مجرد مبلغ يُدفع للمدرس، بل بنود تشمل: ثمن الحصة، ورسم دخول للمركز، وثمن مذكرة مكتوبة للشرح، وثمن التدريبات، وهكذا.

ولم يعد الكشف الطبي يتوقف عند بند المراجعة داخل العيادة، فهناك التحاليل وما تتكلفه، فهي شىء لزوم الشىء، وإذا لم تكن لازمة للتأكد من التشخيص، فهي مفيدة للاطمئنان، وغير ذلك. حتى الدواء أصبحت الشركة التي تنتجه تلعب لعبة "شىء لزوم الشىء"، فالطبيب يختار الأدوية التي يحصل على مكاسب، من خلالها، عبر التنسيق مع الشركات، وليس يهم إهمال دواء أرخص يؤدي الغرض.

إذا كانت تلك أوضاع النصب المنظم في مجالي التعليم والصحة.. فكيف الحال في غيرهما؟وكنتيجة لعملية النصب المنظم تتباطأ حركة الاقتصاد داخل المجتمع، وقد تتوقف. فالناس تتحرك بقدرة شرائية ومادية، وحين تنفق الأسعار وتنفجر، بسبب هذه الطريقة في الأداء، فلابد أن ينتهي الأمر إلى الركود والاضطراب الاقتصادي العام.

arabstoday

GMT 19:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 10:57 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 10:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 10:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 10:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 10:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيء لزوم الشيء شيء لزوم الشيء



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab