الخروج من الجنة

الخروج من الجنة

الخروج من الجنة

 العرب اليوم -

الخروج من الجنة

بقلم - د. محمود خليل

ليس أسهل في الحياة من تبرير المعصية وتحقير الطاعة.. تستطيع أن تستدل على ذلك من تلك العبارة التي كان يصف بها "إدريس" البيت الكبير في رواية "أولاد حارتنا": "ملعون البيت الذي لا يطمئن فيه إلا الجبناء".. البيت الكبير أنشأه الجبلاوي، والجبناء هم أبناء الجبلاوي الذين أطاعوه: أدهم وعباس ورضوان وجليل.

برر "إدريس" معصيته للجبلاوي بالشجاعة، وزعم أنه ليس مثل اخوته (عباس وجليل ورضوان) ممن يرون الحقيقة أمامهم ولا يجرأون على المواجهة بها، لأن القاعدة التي تحكمهم في علاقتهم بالجبلاوي هي السمع والطاعة، أما "أدهم" فأجبن من الجميع، لكنه يعرف كيف يستثمر جبنه في سبيل المنفعة والسطو على حقوق غيره، مثلما سطا على حق "إدريس" الابن الأكبر في إدارة أملاك الأب وأحكاره.

الطاعة في نظر "إدريس" جبن، والمعصية جرأة وشجاعة، من هذه البوابة يتسلل "إبليس" إلى البشر، كما يمكن أن نستخلص من رواية "أولاد حارتنا".

فهو يزين المعصية بالقيمة، ويسفه الطاعة بالتحقير، ومدخله إلى الإنسان دائماً يأتي من بوابة القيمة، تماماً مثلما تسلل "إدريس" إلى "أدهم"، حين جاءه ذات يوم وحدثه عن كرم أخلاقه الذي يعلمه عنه ويثق في أنه سيغفر له تحرشه السابق به، بعدها أخذ يحدثه عن الأولاد وضعف الآباء أمامهم، ورغبتهم في الاطمئنان عليهم، وأنه مثله ينتظر طفلاً قادماً يريد الاطمئنان على مستقبله.

وبعد أن أشبعه حديثاً عن القيم بدأ يوسوس له بما يريد، ويحرضه على اقتحام خلوة "الجبلاوي" والاطلاع على وصية الواقف، والشروط التي وضعها للميراث، لكي يعرف هل حرم إدريس فقط من الميراث أم إدريس وذريته؟.

صادفت الفكرة بعد ذلك هوى لدى أميمة زوجة "أدهم"، وإن كان من منظور آخر، فقد أرادت أن تتأكد من أن "الجبلاوي" وضع ثروته في "أدهم" وذريته، لأن زوجها هو من يعمل ويكد في إدارة الوقف، وحرم "إدريس العاصي" منها، استجاب "أدهم" للاثنين وارتكب الخطيئة الكبرى، وضبطه الجبلاوي، وقرر طرده هو وأميمة من البيت الكبير.

إن المتأمل لهذا الجزء من حكاية "أدهم" يدرك أن نجيب محفوظ تأثر بالخبر القرآني حول ما حدث لآدم على هذا المستوى. فالشيطان تسلل في الأساس إلى آدم.. يقول الله تعالى: "فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"، ومن بوابة آدم دخل الشيطان إلى حواء، فأكل الاثنان من الشجرة: "فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكم الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين".

تأثر نجيب محفوظ أيضاً بالحكي التوراتي، فيما يتعلق بالحديث عن شروط الواقف العشرة، بالإضافة إلى الحوار الذي وقع بين أدهم وأبيه حين قبض عليه الأخير وهو يحاول الاطلاع على وصيته داخل الخلوة، وسأله عن الذي حرضه فرد عليه بأنه الشيطان وأميمة المرأة التي زوجها له، وقد رد آدم على الرب حين سأله عن أكله من الشجرة قائلاً: "المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت".

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخروج من الجنة الخروج من الجنة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab