سلاطة اللسان

سلاطة اللسان

سلاطة اللسان

 العرب اليوم -

سلاطة اللسان

بقلم - محمود خليل

قلت لك إن كلمة «قَرَن» و«قرننة» التى ظهرت على ألسنة المصريين ربما تعود بجذورها إلى شخصية «قارون»، الرجل المتعالى الذى رفع فى الحياة شعار: «إنما أوتيته على علم عندى».

والشخصية المتعالية تمتاز بعدد من السمات، أبرزها سلاطة اللسان.

لسان المتعالى سليط.

وسلاطة اللسان ليست آفة، وذلك فى الأحوال التى يستند فيها المتحدث إلى حجج وبراهين على ما يقول.

فكلمة سلطان فى القرآن الكريم أحياناً ما تعبر عن معنى الحجة والبرهان، كما فى الآية الكريمة التى تقول: «وَءَاتَيْنَا مُوسَى سُلْطَنًا مُّبِينًا».. والآية التى تقول: «لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّى بِسُلْطَنٍ»، وأحياناً ما تعبر عن القهر والإجبار، كما فى قوله تعالى: «إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ» وقوله: «وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَنٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَغِينَ».

فسلاطة اللسان مقبولة حين ينطق صاحبه بالحجة والبرهان وإيراد الأدلة على ما يقول، لكن حين يطلق أحدهم الكلام على عواهنه، أى دون حجج أو أدلة أو براهين، ويطلب من غيره قبوله كما هو، وأن يؤدى معه كأذن تستقبل الكلام وتردده باللسان، دون إعمال عقل، فإن ذلك هو القهر والإجبار بعينه.

وتتعاظم الآثار السلبية للمتعالى سليط اللسان إذا صادف واقعاً ساكتاً، لا يخرج منه أحد ليرد عليه، ويصحح ما يلقى به من أقوال.

لقد كان مجتمع قارون خيراً من غيره من المجتمعات الساكتة، فحين خرج ثريه، بغروره وتعاليه ولسانه السليط، على من حوله، وجد من يستوقفه فيحاول نصحه وتنبيهه إلى الخلل الذى أصاب نظرته إلى الحياة وإلى البشر من حوله.

لم يكن المجتمع الموسوى مجتمعاً ساكتاً يلقى السليط فيه بالكلام أو بسوء الأفعال ثم لا يجد من يرد عليه. والمجتمعات التى تصد هى وحدها القادرة على تصحيح أوضاعها، ورد المتعالين من أهلها إلى عقلهم، لتستقيم الأمور.

أما المجتمعات التى يلقى فيها كل سليط لسان بسخافاته ولا يرد عليه أحد فهى المجتمعات الساكنة الراكدة.إن التسلط بالكلام جزء من مفهوم أكبر هو البغى الذى وصف الخالق العظيم قارون به: «إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ».

يقول المفسرون إن البغى هنا كان بالكبر والعلو، وقد يكون الأمر أبعد من ذلك، بانتقاص الحقوق أو أكل أموال الناس بالباطل، أو بالمغالاة، وغير ذلك.

فتجارب بناء ومراكمة الثروات داخل العديد من المجتمعات تشير إلى أن الجالسين فوق عروش المال أحياناً ما لا تسلم رحلتهم من البغى فى طريق تحقيق الثراء، وحين يستقر بهم المقام فوق عروش المال فإن لسانهم يصبح أكثر سلاطة فى الحديث عن الواقع ووصف أوضاعه.

ويتعجب من حولهم فى بعض الأحوال ويسأل: كيف يتكلمون عن الواقع بكل هذه الجرأة، وهو يستوعب الأمر حين يتذكر أن «الفلوس بتقوى القلب».. وأن «القرننة ليها ناسها».

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلاطة اللسان سلاطة اللسان



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب
 العرب اليوم - طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:41 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

ماجد الكدواني يواصل مُغامراته في"موضوع عائلي"

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حاتم يكشف مفاجأة حول إطلالاته الأخيرة

GMT 23:00 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

حقيقة زواج سمية الخشاب في العام الجديد

GMT 08:44 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

رامي صبري يوجّه رسالة لتامر حسني وهو يردّ

GMT 22:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يمازح الجمهور بعد مروره بموقف طريف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab