أوجاع «الدنيا»

أوجاع «الدنيا»

أوجاع «الدنيا»

 العرب اليوم -

أوجاع «الدنيا»

بقلم - د. محمود خليل

في رواية أولاد حارتنا أوغل نجيب محفوظ في وصف معاناة أدهم المادية بعد خروجه من البيت الكبير، المعاناة في الحصول على القوت، ومعاناة الحرمان من دفء وأطايب البيت الكبير، والمعاناة من "إدريس"، الذي تشفى فيه وعبر في كل مواقف عن شماتته به ونجاحه في جره إلى معصية "الجبلاوي" إلى أن طرده من البيت الكبير.

عاش "أدهم" يردد في الخلاء: "العمل من أجل القوت لعنة اللعنات، كنت في الحديقة أعيش، لا عمل لي إلا أن أنظر إلى السماء أو أنفخ في الناي، أما اليوم فلست إلا حيوانا.. الحياة الحقة في البيت الكبير، حيث لا عمل للقوت، وحيث المرح والجمال والغناء".

ورغم ما كابده "أدهم" من قسوة الحياة، إلا أن معاناته الحقيقية تفجرت على يد ابنيه "قدري وهمام"، وقد أبدع نجيب محفوظ في استدعاء ما حكاه القرآن الكريم حول مقتل "هابيل" على يد شقيقه "قابيل"، وغزله في سياق "سردية المعاناة" التي عاشها "أدهم"، بعد طرده من البيت الكبير ونزوله إلى الخلاء.

كانت حال أسرة "أدهم وأميمة" قد استقرت لبعض الوقت، بعد أن أنجبا كلاً من قدري وهمام، وعمل الاثنان رعاة غنم، وكان "قدري" أقرب في الشبه والطباع لعمه "إدريس"، في حين كان "همام" أقرب إلى أبيه خلقة وخلقاً، وكان يحب أن يسمع حكاويه عن جده الكبير "الجبلاوي"، ويتألم للحسرة التي يلمحها في عينيه، حين يأتي على سيرته.

بدأت مأساة الأسرة حين فاجأ "عم كريم" خادم البيت الكبير كوخ "أدهم" وأسرته بزيارة سريعة أبلغهم فيها أن "الجبلاوي" -سيد البيت الكبير- يدعو "همام" للقائه.

كانت هذه الدعوة نكبة على الأسرة، فقد نقم "قدري" على شقيقه، بعدما علم أن الجبلاوي الكبير قرر ضم "همام" إلى البيت الكبير، حاول الدخول معه، لكن مشيئة "الجبلاوي" ردته بحسم، لحظتها بيّت في نفسه التخلص من أخيه، طوعت له نفسه قتل أخيه "همام"، وانتهز فرصة جمعتهما بجبل المقطم لرعي الغنم، فالتقط صخرة كبيرة وهوى بها على رأسه فقتله.

انهار "قدري" من فعلته الشنيعة، حاول أن يجمع نفسه التي تبعثرت على رمال المقطم، وحمل جثة أخيه، ودفنها، ودارى بقع الدماء التي تساقطت من ضحيته، ثم ساق الغنم وعاد إلى المنزل.لم يعد "همام" معه، سأله "أدهم" عنه فراوغه في الإجابة.

نظر أدهم في عيني ولده فأحس بأنهما تخفيان مأساة، حاول طمأنة نفسه بما قاله "قدري" بأن "همام" ربما يكون قد تعجل وذهب إلى البيت الكبير، لكن زيارة من "عم كريم" خادم البيت الكبير تسأل عما عطّل "همام" عن المجىء ألقت به في بحر الظنون، سحب "أدهم" ولده "قدري"، وسار به إلى المقطم، وأخذ يضرب فيه حتى اعترف بفعلته، وذهب معه إلى حيث دفنه، وأخرج جثته وأجبره على حملها، وصرخ فيه "أدهم": "على القاتل أن يحمل ضحيته".

وكما كانت واقعة مقتل قابيل على يد هابيل تمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة أحداث "قصة آدم"، كان الحدث المعادل لها في رواية "أولاد حارتنا" خاتمة الأحداث في رحلة "أدهم"، إنه الحدث الذي مثل ذروة المأساة التي عاشها في الخلاء، وقمة الوجع لنفسه التي غسلتها المحنة فأدركتها رحمة الله.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوجاع «الدنيا» أوجاع «الدنيا»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab