حين اختار الله رجله

حين اختار الله رجله

حين اختار الله رجله

 العرب اليوم -

حين اختار الله رجله

بقلم - د. محمود خليل

تستطيع أن تجد نماذج أخرى، قريبة الشبه من نموذج "عصفور المجذوب" أحد أبطال رواية "يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحكيم، ظهرت في روايات أخرى، ورسمت ملامح "مجذوب القرية". ويكاد يكون نجيب محفوظ الوحيد الذي قدم نموذجاً مختلفاً لشخصية المجذوب ذي الصبغة القاهرية، وذلك في روايته زقاق المدق.

ومجذوب "الزقاق" لم يكن نكرة كما هو حال مجاذيب القرية، بل كان فيما سبق معلماً وقوراً للغة الانجليزية بوزارة الأوقاف، ورب لأسرة تظللها سحابات السعادة، ولما انضمت مدارس الأوقاف إلى وزارة المعارف، سويت حالته مثل كثيرين من غير ذوي المؤهلات العليا، فتم تنزيله من الدرجة السادسة إلى الدرجة الثامنة، وعين موظف بوزارة المعارف، بعد أن كان مدرساً مرموقاً بالأوقاف.

صمم، بعد هذا القرار الذي رآه متعسفا، على مقابلة وكيل الوزارة، ودخل حجرته في تؤدة ووقار وخاطبه قائلاً: يا سعادة الوكيل لقد اختار الله رجله.

تعجب الوكيل مما يسمع، وطلب منه التوضيح فبادره "درويش" قائلاً: أنا رسول الله إليك بكادر جديد".

بهذه العبارة انتهت رحلة الشيخ درويش في الوظيفة، فتم فصله، ليخرج بعدها من العالم ويهيم على وجهه، ويجد ضالته في النهاية بين أهل زقاق المدق الذين عاملوه بأعلى درجات التبجيل، وهو الرجل الذي يهتف بحب أهل البيت، بل واعتقد بعضهم فيه، فنسبوا إليه كرامات و معجزات مزعومة، لو كان يتمتع بقسط ولو صغير منها لنفع نفسه، لكنه ظل في نظرهم ولياً من أولياء الله الصالحين، يأتيه الوحي باللغتين العربية والانجليزية.

وبعيداً عن حدوتة "عصفور المجذوب" أو "مجذوب الزقاق"، لم يزل ظهور أي "درويش جديد" داخل مدن مصر وقراها، يقابل بقدر كبير من الاهتمام من جانب المواقع الإعلامية، فتهتم بالنشر عنه مدفوعة بالترافيك، أو زيادة حجم المرور عليها. أحد هؤلاء المجاذيب ظهر بإحدى قرى الاقصر، واعتقد أهل القرية وغيرهم في كراماته وقدرته على حل مشاكلهم عبر اتصاله بالجن، بما في ذلك تمكين طلاب الثانوية العامة من الحصول على أعلى المجاميع، والملفت أن بعض مشاهير القاهرة يهرولون إليه، ويستعينون بكراماته على قضاء حوائجهم.شىء عجيب أن يظن إنسان بإنسان آخر مثله قدرة على خرق قوانين الطبيعة ونواميسها، رغم أنه يضعف ويمرض ويعجز ويموت مثله، يعتبره ملاذاً وقبلة ويتوهم أنه يملك حل مشاكله، متذرعاً في ذلك بموقع خاص يحتله هذا الشخص على خريطة العلاقة مع السماء، دون أن يقف لحظة ويراجع القرآن الكريم الذي يؤكد على أن الناس جميعاً فقراء إلى الله والله وحده هو الغني الحميد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بمثل الخوراق التي ينسبونها إلى مجاذيبهم أو من يرفعونهم إلى مرتبة الولاية، وأن ثلة الأولين من صحابة النبي لم يظهر بينهم نماذج لهؤلاء الذين يحسبونهم على الله، رغم أنهم في عرف الناس جميعاً الجيل الأفضل من المسلمين.حقاً لله في خلقه شئون.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين اختار الله رجله حين اختار الله رجله



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab