المجذوب والمجاذيب

المجذوب والمجاذيب

المجذوب والمجاذيب

 العرب اليوم -

المجذوب والمجاذيب

بقلم - د. محمود خليل

«الدروشة» جزء من السمات المميزة للشخصية المصرية.. ويصح أن نصف أنفسنا كشعب بأننا «دراويش» أكثر من غيرنا من الشعوب، أو أميل إلى الدروشة مقارنة بهم.. والدروشة لدينا مستويان: «دروشة التأثير» من ناحية، و«دروشة التأثر» من ناحية أخرى، فالدرويش «المؤثر» هو من يملك أدوات الدروشة وحيلها، والدرويش «المتأثر» هو الفرد العادى الذى تؤثر فيه أدوات الدرويش وحيله. وإذا كان الدرويش المؤثر يوصف فى أحيان بـ«المجذوب»، فإن المتأثر به أو تابعه يصح أن يوصف بـ«مجذوب المجذوب».

«المجذوب» فى الثقافة الشعبية المصرية هو شخص «شرب الشربة» ورزقه الله نعمة اللقاء بقطب المعالى على جبل قاف. وجبل قاف جبل أسطورى تصور العرب قديماً أنه موجود ويلف الأرض من كافة أطرافها، وفوق هذا الجبل يجتمع أقطاب الصوفية، ويستدعون من حالفه الحظ من عباد الله المؤمنين فيسقونه شربة الحب، ليصبح رجلاً من رجال الله أو محسوباً على الله. أما «مجذوب المجذوب» فهو شخص «شرب الخدعة»، وخضع أو ضعف أو استسلم لمن قد يكون أضعف وأبعد عن الله منه.

وقبل أن تفهمنى خطأ أود أن أوضح لك أننى أفرق بين المجذوب المتدروش وأحواله، ومن يمكن أن تعتبرهم أولياء الله الذين ينطبق عليهم قوله تعالى: «ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون». فأولياء الله يعرفون بالإيمان النقى غير المشوب بأى شكل من أشكال الشرك، والتقوى التى تحكم سلوكياتهم من أدناها إلى أعلاها، أما الدراويش المجاذيب فيعرفون بالسلوكيات العجيبة والأحوال الغريبة وإجادة خداع الآخرين فيما يعقل وما لا يعقل، والأخطر والأهم أن الدرويش المجذوب (الذى له مجاذيب) يتكسب ويربح من وراء دروشته، أو قد يكون أداة للاستثمار فى يد غيره.

والمؤمن التقى لا يشتهر كولىّ من أولياء الله (رب أشعث أغبر لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره)، فى حين يعد «المجذوب» أكثر شهرة وتأثيراً منه، فهو يشتهر بين من يعرفونه معرفة مباشرة، وقد يشتهر خارج مربع معارفه، فيمسى نجماً داخل مربعات السياسة والاقتصاد والفن والرياضة، وكافة مجالات الشهرة الأخرى. ولكى يبرر مجاذيب المجذوب انجذابهم نحوه فإنهم يرفعونه إلى مرتبة الولاية ويصفونه بـ«الولى». وما أكثر ما يكون هذا النوع من المجاذيب قريباً من الولاة والأمراء، وأحياناً ما يكون جزءاً من بلاط الحكم.

الدروشة والتدروش جزء من الموروث الثقافى للمماليك، وهو الموروث الذى يسود العديد من المجتمعات العربية. فالمماليك لم يسيطروا على مصر لوحدها، بل تمددت أقدامهم إلى الشام والعديد من البلدان الأخرى، وغرسوا ثقافتهم فيها. وللدرويش فى الثقافة المملوكية وظائف عديدة، من بينها المساعدة فى السيطرة الناعمة على الطبقات الشعبية، كما يمكن أن يستخدم كمنديل نظافة تمسح فيه السلطة بعض القرارات الغريبة التى تتخذها، ناهيك عن نشر نوع معين من التدين المستحب والمرضى لكل من السلطة والشعب.

وإذا كانت ظاهرة «الدروشة» لم تستحدث من عدم فإنها كذلك «لا تفنى». 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجذوب والمجاذيب المجذوب والمجاذيب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab