درس «خصوصي»

درس «خصوصي»

درس «خصوصي»

 العرب اليوم -

درس «خصوصي»

بقلم - د. محمود خليل

طيلة السبعينات والثمانينات والتسعينات، وتحت مظلة الانفتاح الاقتصادى، ظل التفوق التعليمى قيمة، واسم الكلية التى التحق أو تخرج فيها الشخص مصدر فخر وقيمة.. أستاذ الجامعة فى ظل هذه الحقب -على سبيل المثال- كان يحظى بوضعية اجتماعية شديدة القيمة، لم يكن يتمتع بدخل مادى ذى قيمة أو حيثية، لكنه كان محط احترام الجميع.. الدنيا اختلفت بعد ذلك مع الدخول فى حقبة الانفتاح التكنولوجى، فلم تعد القيمة الأدبية كما كانت بالنسبة لحملة العلم أو الشهادات، وظلت الأوضاع الاقتصادية متراجعة كما هى.

خلال حقبة الانفتاح ظلت الشهادة قيمة على المستوى الاجتماعى، ووسيلة جيدة لإنجاز بعض التحقيقات الاقتصادية عن طريق السفر، أو العمل فى بعض الأماكن والمواقع المتميزة، لكن الأمور اختلفت خلال حقبة الانفتاح التكنولوجى، حيث تحولت الشهادة إلى صناعة وتجارة، وباتت الدروس الخصوصية هى الطريق إليها، وليس التعليم فى حد ذاته. أصبحت هناك قناعة لدى الأسرة بألا سبيل للولوج إلى عالم التعليم والشهادات، سوى الدروس الخصوصية. ورغم ما فرضته من أعباء مالية جسيمة على الأسر، إلا أن أحداً لم يفكر فى التخلى عنها، بل وحين كانت تظهر بعض القيادات التعليمية التى تحاول مكافحتها أو التقليل من أدوارها فى العملية التعليمية كانت تواجه جهودها بالرفض الشديد.

عملية التوافق الاجتماعى على جدوى الدروس الخصوصية وأهميتها بالنسبة للأسرة قدمت لنا نموذجاً لما يمكن أن نصفه بـ«الفساد المتفق عليه»، والاتفاق هنا تم بين أطراف عديدة اجتماعية واقتصادية وتعليمية وغير ذلك، وعلى هامش منظومة الدروس الخصوصية ظهرت العديد من المنظومات الأخرى العديدة التى تمثل أيضاً نوعاً من الفساد المتفق عليه. فمثلاً منظومة الغش الجماعى نموذج، ومنظومة تسريب امتحانات الشهادات العامة نموذج.. وهلم جرّا.

أجواء الفساد المتفق عليه تهيئ المجتمع لحالة من السعار والسمية الأخلاقية. فالغش لا يتوقف عند الغش فى الامتحان، بل يتجاوزه إلى كافة مجالات الحياة، بدءاً من غش السلع، وانتهاءً بغش الأدوية، أضف إليه أيضاً الغش المهنى بأن تنتشر فى المجتمع كوادر مهنية غير مؤهلة بالصورة المطلوبة، مع ما يترتب على ذلك من تردٍّ فى مستوى الأداء فى المجالات المختلفة.

مؤكد أنك سبق أن قرأت مقولات عديدة عن أهمية التعليم كمنصة انطلاق نحو تقدم المجتمعات، وجميعها مقولات جديرة بالاعتبار، لأن اهتزاز منظومة التعليم داخل أى مجتمع يؤدى إلى حالة سيولة أخلاقية خطيرة لدى أفراده. ولعلك تتفق معى على أن منظومات التعليم فى مجتمعات عديدة تعرضت لهذه الهزة الخطيرة، وفاقم منها الظروف التى عاشتها المدارس والجماعات خلال السنوات التى ضربت فيها جائحة كورونا أنحاء العالم.

عقب الاهتزاز الذى تعرضت له منظومة التعليم تحت معول الدروس الخصوصية، ثم جائحة كورونا، لك أن تحدثنى عن الأدوار التربوية والتعليمية للمدارس والجامعات ودورها فى إنعاش الحالة الأخلاقية داخل المجتمع وعلاجه من حالة السمية التى ينشرها البعض فيه، وحالة السعار التى تحكم بعض العلاقات الإنسانية بداخله..!

 

arabstoday

GMT 04:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

فى المشمش!

GMT 04:50 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الأصدقاء وذكريات لا تعنيهم

GMT 04:48 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

كهفُ الفيلسوف.. وحبلُ الفيل

GMT 04:44 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

حق مستهلك الأوبر

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس «خصوصي» درس «خصوصي»



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 05:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
 العرب اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح

GMT 07:59 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تكريم نيللي كريم على جهودها لنشر الوعي الصحي
 العرب اليوم - تكريم نيللي كريم على جهودها لنشر الوعي الصحي

GMT 19:22 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

القمة العربية.. لغة الشارع ولغة الحكومات

GMT 10:52 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مصفاة نفط روسية ضخمة تتوقف عن العمل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab