الروح حين تضيء

الروح حين تضيء

الروح حين تضيء

 العرب اليوم -

الروح حين تضيء

محمود خليل
بقلم - د. محمود خليل

معادلة لافتة تحملها الآية الكريمة التى تقول: «اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ»، معادلة تقول إن «القوة تخرج من رحم الضعف.. والضعف يخرج من رحم القوة».

فالضعيف يصح أن يصبح قوياً، والقوى قد يتحول إلى ضعيف. ولو أنك لاحظت الآية الكريمة جيداً فستجد أن كلمة ضعف جاءت 3 مرات، فى حين جاءت كلمة القوة مرتين، وكأن الله تعالى أراد أن يقول إن الأصل فى الحياة هو «الضعف»، وإن «القوة» حالة طارئة. فالمادة التى خلق الله تعالى الإنسان منها هى الضعف، وبالتالى فأصل هذا المخلوق البشرى من ضعف، ومهما طال حجم أو زمن القوة به فلا بد أن يؤول إلى الضعف. وصدق الله العظيم إذ يقول: «وخُلقَ الإنسانُ ضعيفاً».

رحلة الإنسان فى الحياة بدأت من ضعف (تراب وماء)، وحين خالطت روح الله المخلوق الذى سوَّاه الله من طين، اكتسب القوة والقدرة على التطور، فسار من الضعف إلى القوة، والقوة هنا هى قوة الجسد، لأن الضعف الذى يليها جوهره شيخوخة الجسد وما يعترى الإنسان خلاله من وهن: «قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِياً»، أما الروح فتقوى حين يضعف الجسد، وتضعف حين يقوى.

وقد وصف القرآن مشهد غطرسة القوة التى يعيشها الشاب قوى الجسم ضعيف الروح، فى مواجهة الكبار واهنى الجسد أقوياء الروح، وذلك فى الآية الكريمة التى تقول: «وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ». فالشاب المعافى المتعافى تغره قوته، ويمنحه شبابه إحساساً وهمياً بالبعد عن الموت، فينكر وجود الخالق العظيم، ويرفض الإيمان بالبعث والحساب. وفى مواجهته يقف الأب والأم الواهنان جسداً والأقوياء روحاً، تستغيث كل ذرة فى كيانهما بالله، ويحذران الشاب الواهم من الكفر والويلات التى يمكن أن تترب عليه، فيرد بلسان غروره: «إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ».

وفى سورة «لقمان» تجد مشهداً يجلس فيه الأب، الفانى جسداً المضىء عقلاً وروحاً، وأمامه ابنه القوى جسداً الضعيف عقلاً وروحاً يستمع إلى نصائحه حول أسس الحياة السليمة. وفى هذا الحوار تجد حضوراً جوهرياً لخمس أفكار، الأولى فكرة الوحدانية: «يَا بُنىَّ لا تُشركْ بالله».. والثانية فكرة طاعة الوالدين «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ».. والثالثة فكرة قدرة الله: «يَا بُنَىَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ».. والرابعة فكرة الصلاة والأمر بالمعروف والنهى عنه المنكر: «يَا بُنَىَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ».. والخامسة فكرة التواضع والاعتدال فى العلاقة بالناس «وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ».

هذه الأفكار تقدم لك 5 مؤشرات على إضاءة الروح وخفوت الجسد، فميل الإنسان نحو التسليم بوحدانية الله، وأنه وحده الذى يملك له النفع والضر والموت والحياة والنشور يزيد مع التقدم فى العمر، كما يدرك الكبير قيمة طاعة الوالدين أكثر من صغير السن، والإيمان بقدرة الله تزداد مع العمر، حين يضعف الإنسان ويعلم أنه لا قوة إلا بالله، ويتوازى مع ذلك اتجاهه إلى الصبر والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والاعتدال مع الناس والقصد فى الأشياء.. كذلك تفعل الروح بالإنسان حين تضىء.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الروح حين تضيء الروح حين تضيء



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab