العزة والنفاق

العزة.. والنفاق

العزة.. والنفاق

 العرب اليوم -

العزة والنفاق

بقلم - د. محمود خليل

اللسان هو أكثر أعضاء الجسم استخداماً فى مجال تزييف الواقع، فاللكلكة بالكلام غير الموضوعى حول الأمور الواضحة، ومحاولة التشويش بالأكاذيب على الحقائق الظاهرة، وتقليب الأمور للناس بحيث يندفع المستمع إلى قبول أشياء ضد العقل أو عكس المنطق، كل ذلك من أعمال تضليل المجموع، وقسمته على اثنين.

وهو عمل يجيده جيداً هؤلاء الذين يجيدون لعبة التثبيط، وكسر الإرادة، وتهيئة النفوس، لقبول إرادة العدو، أى عدو.التنوع فى الآراء ووجهات النظر داخل المجتمعات أمر مهم وضرورى، ويمثل طابع الأشياء، لكن التنوع شىء، والاستقطاب المؤدى إلى الانقسام شىء آخر. فالتنوع أساسه تفكير وعقلنة للأشياء وتبنٍّ لوجهات نظر متعددة، أما الاستقطاب فجوهره الإثارة والانحياز والخضوع للأحكام العاطفية أكثر من أى شىء آخر.

التنوع فى وجهات النظر قد يؤدى إلى نقاش أو تنافس، أما الاستقطاب فيؤدى إلى فتن وصراعات، وفى هذا المربع يسعى المنافقون الباحثون عن «سمّاعين» لهم داخل المجتمعات، كما وصف القرآن الكريم: «لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ».فالمنافقون المتكلمون لا يسعون فقط إلى إلحاق الضرر بالمجموع، بل يسارعون أيضاً إلى نشر الفتن وبث العداوات وخلق الاستقطابات، بهدف إيجاد نوع من الانقسام، ومع الانقسام تأتى الهزيمة.

قبل اجتياح التتار بغداد، كان رجالهم -وبعضهم من أهل بغداد- يتعمدون إثارة الفتن والعراكات حول جدوى المواجهة، ويبثون أحاديث زائفة عن القوة الخارقة التى يتمتع بها هؤلاء، وقسوتهم البالغة فى تدمير القرى والمدن التى يأتون عليها، وقتل أهلها، وكان لطابور المنافقين دور مهم فى إلحاق الهزيمة بالخلافة العباسية وسقوط بغداد.

لام من هذا القبيل كان يتردد فى شوارع العالم، ومن بينها الشارع المصرى، خلال فترة صعود النازية فى الأربعينات من القرن الماضى، بل ويقال حالياً فيما يتعلق بالنازية الجديدة التى وُلدت فى تل أبيب، والتى تسعى إلى إبادة كل ما هو فلسطينى، وهيهات!ما أكثر الأحاديث التى ترددت بعد عملية طوفان الأقصى عن الحاملات والناقلات والأسلحة الأمريكية التى تدفقت على إسرائيل، بالإضافة إلى تحرك قوات داعمة لها فى العمليات، والأمر لم يقتصر على أمريكا، بل تمدد إلى العديد من الدول الأوروبية أيضاً، وبدأ البعض يتحدث عن أن المقاومة لم تحسب الحسابات، وأنها ورطت نفسها وأهل غزة وكذلك المنطقة فى حرب قد تمتد إلى الإقليم ككل، إن لم يكن إلى العالم، لتصبح حرباً عالمية.وقد جاء الرد على هؤلاء من المواطن الغزاوى الذى يقف الآن وحده يدافع عن أرضه ببسالة، ويتمسك بكل ذرة من ترابها، ويأبى الخروج منها، وإذا اضطرته الظروف لا يتحرك منها إلا أمتاراً داخل مدينة العزة «غزة».

فى «غزة» تعطلت كل المرافق الأساسية، وقصف آلة العدوان لا يتوقف، ورغم ذلك لم تستطِع أصوات المنافقين المتزاحمين داخل بعض الدول العربية قسمتهم على اثنين، ولم نسمع أحدهم يلوم المقاومة على ما فعلته، بل على العكس تماماً يعبر الجميع وفى كل المواقف عن إيمانهم بأن المقاومة فعلت ما يتمنون جميعاً فعله، إذ إنهم جميعاً متفقون على الدفاع عن حقهم فى إقامة دولتهم واسترداد أراضيهم.هؤلاء الذين يثبطون الشعوب عن نيل حقها فى الحياة هم أظلم خلق الله «والله عليم بالظالمين».

arabstoday

GMT 05:58 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

GMT 05:56 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

تغيير... أو «اقتل وبا يقع صلح»؟

GMT 05:54 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

عن «السيادة» الرقمية نتحدّث

GMT 05:46 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

أمسية في غابة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العزة والنفاق العزة والنفاق



كارول سماحة بإطلالات راقية وجذّابة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:29 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

قصف تركي عنيف علي محافظة أربيل العراقية

GMT 12:19 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

الحيل التي تتبعها أصالة لإبراز خصرها النحيل

GMT 11:58 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

جولة على أبرز أحياء العاصمة باريس

GMT 11:47 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

كارول سماحة بإطلالات راقية وجذّابة

GMT 11:32 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

أوكرانيا تعلن قصف مطار عسكري روسي في القرم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab