الكارهون للنصيحة

الكارهون للنصيحة

الكارهون للنصيحة

 العرب اليوم -

الكارهون للنصيحة

بقلم - د. محمود خليل

عاش نبى الله «نوح» عبداً شكوراً، منحه الله العلم والبصيرة، فانطلق ينصح قومه، ويجتهد فى تصحيح مسيرتهم، لكنهم رفضوا، ومشوا إلى مصيرهم.

وجّه «نوح» خطابه إلى قومه، قائلاً: «قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَآتَانِى رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ».

جاء «نوح» إلى قومه بالحقيقة المشفوعة بالحجة، لأنه امتلك عقلاً واعياً، وتحرّك على قومه مدفوعاً بعاطفة رحيمة يكنها لهم، ورغبة مخلصة فى أن ينجيهم من الغرق فى مستنقع الوثنية.

كل شىء كان واضحاً أمام قوم «نوح»، لكنهم تعاموا عن الواقع، وكذلك شأن المجتمعات المحكوم عليها بالضياع، ترى الحقيقة فى كل شىء حولها، لكنها تغفلها وتتعامى عنها وتنكرها، ولا يستطيع مصلح مثل نبى الله «نوح» أن يجبرهم على الاعتراف بما هم فيه من ضلال، وأن يحركهم من أجل تصحيح أوضاعهم، ليس فى مقدرته أن يلزمهم بقبول ما يكرهون، ولا يكره الضال شيئاً فى الحياة، مثلما يكره الحق والحقيقة.

دافع «نوح» عن الحقيقة من أجل الله وحده لا شريك له، لم يكن يهدف -من وراء ذلك- لتحقيق منفعة أو مغنم، فقد كان يتحرّك بعقله المدرك للحقيقة، والرحيم بأهله، لكن قومه كرهوا ذلك، واعتبروا إلحاحه على الإصلاح نوعاً من الجدل، ومحاولة الأخذ والرد من جانبه: «قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ». وذلك شأن الجاحدين فى كل زمان ومكان، ينكرون الحقيقة، ويدمغون أصحابها بالثرثرة وكثرة الجدل، ثم يطلبون منهم أن ينفّذوا ما يحذرونهم منه، قناعة منهم بأنهم أعجز من أن يفعلوا شيئاً، إنهم دائماً جهلة بالإيمان كمصدر قوة لصاحبه.

واصل «نوح» إسداء النصيحة لأهله ولم يتوقف أمام عنادهم ورفضهم التفكير فى ما ينصحهم به، سكت النبى عن النُّصح فقط حين آمن بعدم جدواه، وأنه يلقى ماءه فى إناء مثقوب، لا يحتفظ بشىء، سكت فى اللحظة التى أدرك فيها أن الهدى هدى الله، وأن النجاح فى إقناع الآخرين بأمر من الأمور، ليس مرده قوة الحجة أو وضوح الأمر، بل مشيئة الله تعالى.. تجد هذه الفكرة فى قول «نوح» لقومه، كما يحكى القرآن: «وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِى إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ».

انتهت مشاهد النُّصح بين «نوح» وقومه عند النقطة التى أخذ الوثنيون يدعون النبى فيها إلى أن يأتيهم بالعقاب الذى يهدّدهم به، وجاء الإعلان صريحاً من السماء يأمر نوحاً بالتوقف: «وَأُوحِىَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».

ورغم اليأس من هداية قومه وصدور الأمر من السماء بالتوقّف ظل نوح على عاطفته القوية نحو قومه، وشعر بالبؤس بسبب فشله فى تصحيح أوضاعهم، وبسبب إصرارهم على ما هم فيه.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكارهون للنصيحة الكارهون للنصيحة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab