خلفة «عبدالدايم»

خلفة «عبدالدايم»

خلفة «عبدالدايم»

 العرب اليوم -

خلفة «عبدالدايم»

بقلم - د. محمود خليل

المجتمع ساحر قديم، جعل من أشياء فضائل وجعل من أشياء رذائل.. هكذا وصف «محجوب عبدالدايم» المجتمع فى رواية «القاهرة الجديدة»، فهو يملك عصا سحرية يمس بها الأشياء فيحيلها إلى عكسها، حيث تمسى الفضيلة رذيلة، والرذيلة فضيلة، وليس يهم بعد ذلك ما يقوله الدين أو العقل أو العلم.. فسلطة المجتمع تغلب ما عداها. تعالوا ننظر إلى أمثلة على ذلك.

الله تعالى يطلب من الزوج إذا كره زوجته ألا يتركها كالمعلَّقة (فلا تذروها كالمعلقة).. ويحدث فى بعض الأحيان أن تجد زوجاً يغضب على زوجته فيقسم أن يتركها (مثل البيت الوقف).. الله تعالى منح المرأة حقها فى الميراث، لكن يحدث فى بعض البيئات أن تحرم الفتيات والسيدات من حقهن فى مال الأب أو الأم، بذريعة حماية الثروة العائلية من التسرب إلى الغرباء. نحن هنا أمام حالات يطغى فيها سلطان العرف على سلطان الدين.

ويحدث فى حالات أخرى أن تجد سلطان العرف يطغى على سلطان العقل.. على سبيل المثال زواج الشاب أو الفتاة فى هذه الأيام بات من الأعمال الإعجازية، فى ظل ارتفاع تكلفة العديد من كمالياته، وليس متطلباته الحقيقية التى يرتكز ويقوم عليها.

فى ظل ارتفاع أسعار الذهب.. بكم يشترى الشاب اليوم «الشبكة»؟.. وفى ظل ارتفاع أسعار تكلفة إقامة الأفراح.. كم تدفع الأسر من أجل إقامة فرح؟.. وهذه الكلفة التى تذهب إلى ما يسمى بـ«الرفايع» والتى تشتمل على ما يلزم وما لا يلزم، ما يفيد وما لا يفيد، بهدف الفشخرة الكاذبة، أنَّى للأسر أن تتحمل كمالياتها اليوم فى ظل ارتفاع أسعار كل شىء من الإبرة حتى أطقم الصينى وخلافه؟.

المجتمع مس بعصاه السحرية مجموعة من الممارسات فجعلها عرفاً قائماً لا يستطيع أحد أن يحيد عنه فى مسألة الزواج.. فالشبكة لا بد أن تكون بالشىء الفلانى.. والفرح لا بد أن يكون فى المكان العلانى وبالتكلفة الفلانية.. والرفايع لا بد أن تكون متخمة بالأطقم المتنوعة التى يمكن أن يمر عمر الزوجين وأولادهما دون أن يستخدمها أحد، لتصبح طعاماً للتراب.

فهل هذا الأداء يستقيم مع عقل؟.. وهل جعل الله تعالى الزواج مرهوناً بشىء غير القبول والصداق؟. مؤكد أن المجتمع له أحكامه وضغوطه التى يستجيب لها أفراده بمنتهى السهولة، وإذا حدثهم أحد بالعقل أو بما يقوله الدين، فإنهم يجعلون أذناً من طين وأذناً من عجين، لأن سطوة العرف عندهم أقوى من أى شىء.

يشاهد الكثيرون شخصية «محجوب عبدالدايم» فى فيلم «القاهرة 30» المأخوذ عن رواية «القاهرة الجديدة» فيشمئزون منه ومن نظريته، رغم أنها تشكل لدى بعضهم أساساً للحياة، نظرية «طظ» فى العقل والعلم والفلسفة وقيم الدين، والمجد لما يقبله المجتمع حتى ولو تناقض مع العقل أو العلم أو الفلسفة أو الدين. المجد لما يقبله المجتمع حتى ولو كان رذيلة من منظور العقل والعلم والدين.

محجوب «ابن» عبدالدايم لا يفنى ولا يستحدث من عدم.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلفة «عبدالدايم» خلفة «عبدالدايم»



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 07:43 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي
 العرب اليوم - اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي

GMT 14:50 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

إياد نصار يكشف سبب حبه للشخصيات «التوكسيك»
 العرب اليوم - إياد نصار يكشف سبب حبه للشخصيات «التوكسيك»

GMT 17:06 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

سوريا تعلن وفاة مستشارة الرئاسة لونا الشبل
 العرب اليوم - سوريا تعلن وفاة مستشارة الرئاسة لونا الشبل

GMT 08:55 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ارتفاع كبير في حالات حمى الضنك من حول العالم

GMT 07:43 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

اكتشاف السبب الكامن وراء الصداع النصفي

GMT 16:37 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

سوناك يقر بالهزيمة في انتخابات بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab