«الدبلي» و«المعز»

«الدبلي».. و«المعز»

«الدبلي».. و«المعز»

 العرب اليوم -

«الدبلي» و«المعز»

بقلم - د. محمود خليل

في مصر المحروسة عاش الخليفة الفاطمي "المعز الدين الله" لحظات عديدة "طلب فيها المستحيل". وكان أكثرها طرافة تلك اللحظة التي عاشها مع قاضي مصر "أبو الطاهر الدبلي".

حضر "المعز" إلى الاسكندرية عام 362 هجرية، واستقبل فيها استقبال الفاتحين، فخرج للقائه كل وجوه وأعيان البلاد، ومن أراد من العامة أن يعرف السيد الجديد لمصر، بعد زوال الدولة الاخشيدية. كان من ضمن من خرجوا لاستقبال السيد الجديد قاضي مصر "أبو الطاهر الدبلي"، وكان رجلاً حصيفاً تربى على محبة السنة، ويعلم أن "المعز" شيعي، ويريد فرض مذهبه على المصريين.

ولعلك تتفق معي أن الإحساس بفائض بالقوة أحياناً ما يدفع صاحبه إلى عدم التمييز بين الوجهة السياسية والوجهة الدينية للفرد، ولا يستوعب الفارق بين المسألتين، وكيف أن الوجهة السياسية يمكن تغييرها، بدافع الرغبة من المغانم، أو الخوف من المغارم، أما الوجهة الدينية فالأمر فيها مختلف إلى حد كبير، إذ يصعب على الفرد أن يغير وجهته الدينية التي ورثها عن آبائه وأجداده، وتربى عليها، وعاش بها عمره.

وقف القاضي "الدبلي" بين يدي المعز لدين الله الفاطمي، ورحب به في ثغر الاسكندرية، وقدم فروض الولاء والطاعة له. نظر "المعز" إلى "الدبلي" بثقة وغرور وشعور مفرط بالقوة، وسأله: هل رأيت خليفة أفضل مني؟. طرح "المعز" السؤال، ومن خلفه رجاله وأولاده وسيافوه.

نظر "الدبلي" إلى هؤلاء ثم رد بأدب: "لم أر من الخلائق سوى أمير المؤمنين". لقد أعطاه بهذه الإجابة أكثر مما يتوقع، فهو -أي "الدبلي"- "موش شايف حد في الخلايق غير الخليفة المعز".

أعجب "المعز" بالإجابة فأغراه ذلك بسؤال آخر، توجه إلى "الدبلي" قائلاً: هل حججت؟: فرد: نعم.. فسأله: وزرت قبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فرد: نعم.. ثم داهمه بالسؤال الفخ، فقال: وزرت قبر أبي بكر وعمر؟هنا أسقط في يد القاضي "الدبلي"، فهو يعلم أن للشيعة موقفاً خاصاً سلبياً من الشيخين، أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، أخذ يفكر في طريقة للإفلات من هذا الفخ.. نظر إلى الخليفة ساهماً، وإذا به يلمح الأمير نزار بن المعز، يقف على رأس أبيه مع الأمراء، فاندفع نحوه، وهو يجيب على سؤال الخليفة قائلاً: "شغلني عنهما -يقصد أبا بكر وعمر- زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما شغلني أمير المؤمنين عن السلام على ولي العهد له الأمير نزار"، ثم قام وسلم عليه، وعاد إلى جوار المعز.أثبت القاضي "أبو الطاهر الدبلي" ذكاءاً وحرفية واضحة في التعامل مع الموقف، ليمر منه بلا خسائر، وحاول أن يرسل بحيلته تلك رسالة إلى رأس الدولة الفاطمية "المعز" بأن السيد الجديد يمكنه أن يدفع الناس إلى تغيير وجهتهم السياسية بسهولة، لكن من يريد من الناس تغيير وجهتهم الدينية يطلب مستحيلاً.

a

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الدبلي» و«المعز» «الدبلي» و«المعز»



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:02 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم
 العرب اليوم - أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم

GMT 06:23 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»

GMT 02:34 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

شهيد في قصف للاحتلال شرق رفح

GMT 16:22 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 160 ألف شهيد ومصاب

GMT 10:14 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

الكشف عن البرومو الأول لبرنامج رامز جلال

GMT 02:32 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

انفجارات تهز مدينة أوديسا جنوبي أوكرانيا

GMT 06:15 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

غزة.. التي أصبحت محط أنظار العالم فجأة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab