للصدق حسابات أخرى

للصدق حسابات أخرى

للصدق حسابات أخرى

 العرب اليوم -

للصدق حسابات أخرى

بقلم - د. محمود خليل

رحلة النصر في 6 أكتوبر 1973 بدأت بالصدق، وأعلاه الصدق مع النفس، وقف الكثير من أبناء هذا الشعب لحظة صدق مع النفس، لحظة مواجهة ارتفع فيها صوت الحقيقة على صوت الخداع، فكروا فيها ملياً في الأسباب التي أدت إلى الهزيمة، اتجهوا إلى التعامل معها، بشكل واقعي، بعيداً عن الثرثرة بالكلمات، أو العيش في الأوهام والأباطيل، تفهموا أن ما يعوزهم هو التخطيط، ونبذ الأداء الذي تسيطر عليه العشوائية والتخبط، والخضوع لأمزجة الجالسين في الأدوار الفوقية، وأنهم بحاجة إلى إدراك واقعي لنقاط قوتهم ونقاط ضعفهم، وسعي نحو تنمية نقاط القوة، وعلاج نقاط الضعف.

بكل المقاييس والحسابات الواقعية لم يكن أحد يتصور أن المقاتل المصري قادر على تحقيق النصر على إسرائيل في أكتوبر، ولكن للصدق حسابات أخرى، يقول الله تعالى في كتبه الكريم: "من المؤمنين رجلا صدقوا ما عاهدوا الله عليه" .. الصدق في حياة الرجال الذين تصفهم الآية لم يكن كلمة يلكلك بها اللسان أو شعار تدوي به حنجرة بل كان عملاً يصدق قولاً. كذلك فهم الجيل الذي حارب في أكتوبر معنى الصدق، بعد سنوات متصلة عاشها تحت مظلة واقع يخدعه، ويخدع فيه نفسه.

على مدار السنوات الست الممتدة ما بين عامي 1967 و1973 عاش المصريون فترة مراجعة، توجعوا فيها كثيراً من نتائج الزيف والخداع الذي سلموا أدمغتهم له، وأدركوا فيها حاجتهم الملحة إلى لحظة صدق ونظرة أكثر واقعية إلى حياتهم.

سنوات طويلة من الخداع عاشها المصريون سلمتهم إلى هزيمة 5 يونيو 1967، صدقوا خلالها كلاماً كثيراً مخادعاً، اتجهوا بعده إلى خداع أنفسهم، فأخذهم الخداع إلى حائط المحنة، فانطلقوا يكتبون عليه بالطباشير والأضافير "هنحارب".

طيلة فترة الستينات كان الناس يسمعون أحاديث عن الأقوى والأفضل والأنجح والأكبر والأخطر -وكافة مفردات أفعل التفضيل- في كل جانب من جوانب الحياة، فيفرحون ويصدقون، الكلمات كانت تتدفق من كل حدب وصوب، فيرن بها صوت المذياع، وتصورها شاشات التليفزيون، وترددها وتكررها سطور الصحف، لتسكن داخل الناس. البعض كانوا ينظرون إلى الواقع الذي يعيشون فيه ويتساءلون: هل تعبر هذه الكلمات عن حقيقة ما نعيشه فعلاً؟.

المفارقة كانت تبدو لكل ذي عينين ما بين الواقع الذي تصفه الكلمات، والواقع الذي يعيشه الناس، ورغم ذلك لم يلتفت أحد ويفكر، وفي الحالات التي كان يزن فيها العقل على أحدهم، ويطلب من صاحبه تفسيراً لهذه المفارقة، كان يسكته بالخداع، خداع الذات.

أكثر أنواع الخداع خطراً هو خداع الذات، لأنه يعني ببساطة تعطيل العقل عن التفكير، وتبني ما يقوله الآخرون دون نقد أو تمحيص، والدفاع عنه بلا منطق، بل بالزعيق والصوت العالي. وقد لعب المصريون مع أنفسهم لعبة خداع الذات كثيراً حتى انتهى بهم الحال إلى الهزيمة في 5 يونيو 1967.

الجيل الذي قاتل على مدار أيام حرب أكتوبر 1973 لم يتكرر في تاريخ هذا البلد، ذلك الجيل الذي ثار على "الخداع" وآمن بصدق القول والعمل، الجيل الذي ضحى بكل شىء ولم يأخذ شيئاً، وجنى غيره حصاد تضحياته.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للصدق حسابات أخرى للصدق حسابات أخرى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab