«الحديدية» سيدة «الرقة»

«الحديدية» سيدة «الرقة»

«الحديدية» سيدة «الرقة»

 العرب اليوم -

«الحديدية» سيدة «الرقة»

بقلم - د. محمود خليل

امتلكت أم كلثوم «صلابة داخلية» لا ينافسها فيها إلا من كان فى مثل تكوينها. هذه الصلابة ساعدتها على أن تكون نفسها، وليس أحداً غيرها، ومكنتها من عبور الكثير من المحن وهى تحترم نفسها، والنتيجة «احترام الجميع» لها.يذكر «محمود عوض» فى كتابه «أم كلثوم التى لا يعرفها أحد» أن الفتاة الريفية الموهوبة استقرت فى القاهرة عام 1926، بعد مضى 7 سنوات على ثورة 1919. كانت مصر فى ذلك الحين تعانى مما اعتادت على المعاناة منه بعد كل ثورة، خلافات شديدة ما بين التيارات السياسية التى وحّدتها الثورة، وفرقتها المصالح، وبدأ كل منها يسير فى طريق، فقد عرف «القصر والاحتلال» كيف تضرب كل طرف بالآخر (الثورة المضادة)، ونجحت فى محاصرة أى نتائج إيجابية لثورة 1919. اجتاح الشعب إحساس عميق بالمرارة والإحباط، بعد ما قدمه من تضحيات فى الثورة، دون أن يحقّق ولو جزءاً من حلمه فى وطن أفضل، وحين تسيطر المرارة والإحباط على المجموع يميل بعض أفراده إلى إخراج أسوأ ما فيهم، فيفسد الذوق، وتنحط الأخلاق، ويسود الردىء، وقد ظهر صدى ذلك فى الكثير من المجالات، ومن بينها الغناء، فأصبحت كلماته «ثرثرة مراحيض». وانتشرت أغانٍ مثل: «ارخى الستارة اللى فى ريحنا»، و«الخلاعة والدلاعة مذهبى»، و«بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة»، و«إوعى تكلمنى بابا جاى ورايا».فى ذلك الوقت لم تكن أم كلثوم تعرف من فنون الغناء إلا المديح النبوى والإنشاد الدينى، وإذ أرادت أن تطرب غنّت إحدى قصائد الشعر العربى، وكان لهذا النوع من الفن جمهوره، لكن صوتهم كان تائهاً وسط الصخب المعبر عن حالة المرارة والإحباط التى يشعر بها الناس، فدفعتهم إلى التفاعل مع الردىء. تحكى «أم كلثوم» أن الجمهور كان يقاطعها فى بعض حفلاتها الأولى بالقاهرة، ويطلب منها أن تغنى للخلاعة والمياعة ويا ليل يا عين، فترفض فى إصرار، وصل الأمر إلى حد تهديدها بمسدس فى أحد الأفراح، لكنها أبت بصلابة، وظلت تبدع الفن الذى تؤمن به.طاردتها الصحف ونقاد زمن الرداءة وأخذوا يُقلّلون موهبتها، ويردّدون أن فتحية أحمد ومنيرة المهدية أغنى منها موهبة، قالت فى نفسها: «فليعتبرنى الناس فى الدرجة الثالثة.. لا يهم.. المهم ألا أبقى فى الدرجة الثالثة». واصلت «أم كلثوم» السعى فى صلابة حتى تمكنت -بمفردها- من إصلاح ما فسد فى ذوق أمة بأكملها، زحف فنها على تيار الرداءة السائد فشتّته، حتى لم يعد له أثر. بعد زمان قضاه الناس يفضّلون فيه «ثرثرة المراحيض»، بدأوا يدندنون بـ«أفديه إن حفظ الهوى»، و«سمعت صوتاً هاتفاً فى السحر»، «وسلوا قلبى»، ومن بعد ذلك دندنوا بـ«من أجل عينيك»، و«يا فؤادى لا تسل أين الهوى»، و«حديث الروح للأرواح يسرى».لقد استطاعت السيدة الصلبة أن تصمد على ما تؤمن به، حتى آمن به الناس، ومع ذلك فلم تكن صلابة «الست» جموداً أو رفضاً للجديد، على العكس تماماً، فقد كانت ترحب به وتمنح الفرص للأجيال الجديدة من الكتاب والموسيقيين.وتعجب بعد ذلك كيف عاشت هذه الحديدية الصلبة «سيدة للرقة»؟

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحديدية» سيدة «الرقة» «الحديدية» سيدة «الرقة»



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 العرب اليوم - الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab