السيدة التي عرفت مكانها

السيدة التي عرفت مكانها

السيدة التي عرفت مكانها

 العرب اليوم -

السيدة التي عرفت مكانها

بقلم - محمود خليل

 

كثيرون كتبوا عن "أم كلثوم"، لكنك لا تستطيع أن تظفر في كتاباتهم بالأوتار الإنسانية التي كانت تشد حياة هذه السيدة، إلا حين تقرأ ما كتبه عنها الكاتب الصحفي الراحل "محمود عوض" في كتابه "أم كلثوم التي لا يعرفها أحد".

امتلك "عوض" قلماً مرهفاً حساساً، ينطلق حين يكتب من إحساس كامل بالموضوع الذي يتناوله أو الشخص الذي يرسم خريطته، لذا كانت كتاباته تفيض بالصدق. وقد كان الرجل أصدق ما يكون حين كتب عن "أم كلثوم".

تعلّمت "أم كلثوم" تعليماً حقيقياً.. ذلك أول ملمح يمكن أن تخرج به وأنت ترسم ملامح السيدة التي رجت العالم بعبقريتها.. قد تتعجب وتسأل: وهل دخلت أم كلثوم مدارس أو جامعات أو حصلت على شهادات؟ أقول لك إنها لم تفعل، ولذلك تعلمت!.. "أم كلثوم" عاشت طفولتها فقط في الكُتّاب، حيث تعلمت القراءة والكتابة، وحفظت شيئاً من القرآن الكريم، ولم تنخرط في أية مؤسسة تعليمية، لكنها عاشت تقرأ، وتتعلم مما تقرأ، حتى وصلت إلى قمة الوعي والفهم الحقيقي لمعنى العلم ومبناه، ويصل الإنسان إلى ذلك، حين يدرك مكانه على خريطة العلم وخريطة من يعلمون.

ينقل "محمود عوض" عن أم كلثوم تلك العبارة التي تقول فيها: "عندما نتعلم نعرف مكاننا بين العلماء وقد عرفت مكاني".

أسمعت "الست" محمود عوض هذه العبارة، حين سألها لماذا لم تكتب الشعر، رغم أنها شديدة الشغف به، وبالقراءة فيه، وحفظ ما تستملحه من أبياته؟ وقد كان لأم كلثوم ولع خاص بشعر عمر بن الفارض، والشريف الرضي، ومهيار الديلمي، والبحتري وأبي تمام والمتنبي، وغيرهم، وتحب الشدو بشعر أحمد رامي "ابن جيلها"، وأحمد شوقي، وحافظ ابراهيم، وابراهيم ناجي، وغيرهم. ومن المعروف أن من يغرق في قراءة الشعر وحفظه، لابد وأن تأتي عليه لحظة يجد فيها قلمه يتحرك ليغزل أبياتاً منه، يعبر بها عن أحاسيسه ومشاعره، لكن "أم كلثوم" لم تفعل، وحين سألها "عوض" عن ذلك أجابته بتلك العبارة "عندما نتعلم نعرف مكاننا بين العلماء وقد عرفت مكاني".

أدركت "أم كلثوم" المعنى الحقيقي للعلم والتعليم، فهو لا يرتبط بكُتّاب، أو مدرسة، أو جامعة تمنح شهادة، بل هو وعي وإدراك، العلم لا تترجمه الشهادات التي يحصل عليها الفرد، بل يعبر عنه طريقته المتميزة في التفكير، وفي النظر إلى العالم، وفهمه للواقع الذي يعيش فيه، وقدرته على التفاعل الإيجابي معه.

يشتط البعض أحياناً فيتهمون المدارس والجامعات بأنها مؤسسات للتدجين، وأن نظم التعليم فيها لا تشجع على التفكير الحر والمستقل، وتؤدي إلى مجموعة من الخريجين المنمّطين، أو المصبوبين في قوالب متشابهة. وللإنصاف فليس كل التعليم النظامي كذلك، لكن يبقى أن مفتاح الحكم عليه يرتبط بالوصول إلى منصة الإدراك والوعي الذي تمتعت به أم كلثوم، فظلت طيلة حياتها تقرأ وتسمع وتتعلم وتضيف إلى خبراتها كل يوم جديد، حتى عرفت مكانها بين العلماء.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيدة التي عرفت مكانها السيدة التي عرفت مكانها



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 العرب اليوم - الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab