محراب النمل

"محراب النمل"

"محراب النمل"

 العرب اليوم -

محراب النمل

بقلم - محمود خليل
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

الصمت العاجز أحياناً ما يكون أحسن دواء في مواجهة من لا يقدر عليه البشر، تستطيع أن تستخلص ذلك من تلك القصة التي عاشها المصريون مع أحمد بن طولون.

وهو نموذج للولاة الذين عاشوا حياتهم كلها يطلبون مستحيلاً.تبدأ القصة بدخول "ابن طولون" إلى مصر، والياً عليها، من قبل الخليفة العباسي "المستعين بالله" مكان أحمد بن محمد المدبر.

يقول "ابن إياس" أن "ابن طولون" لما دخل مصر كان ضيق الحال، يحتقره من يراه.

الواضح أن الرجل دخل البلاد فقيراً بلا مال وانعكس ذلك على ما يأكل وما يشرب وما يلبس، إلى درجة أن رق لحاله أحد أعيان البلاد، فنفحه 10 آلاف دينار يدبر بها أموره، وينعش أحواله.ويبدو أن سيرة الرجل حكمها قانون "النفحات"، فبعد النفحة التي نفحه بها الثري المصري، إذا به يعثر على كنز من كنوز الفراعنة ملىء بالذهب، فرح به أشد الفرح، وبنى بجزء منه مسجده الكبير المسمى باسمه (مسجد أحمد بن طولون).

وهو مسجد شديد الفخامة، بناه الوالي فوق جبل يشكر، بتكلفة تزيد عن 120 ألف دينار (ذهب)، واستغرق بناؤه حوالي 3 سنوات (من سنة 263 هجرية- 266 هجرية).

وبات يحلم بعد إتمام العمل بالمصريين يتزاحمون على الصلاة فيه.

فوجىء "ابن طولون" بالمسجد فارغاً من البشر، لا يريد أحد أن يصلي فيه، فقد احتار الناس في أمر الوالي، كيف وهو الذي دخل مصر بالأمس فقيراً مفلساً يبني مثل هذا البناء الضخم الذي تكلف عشرات الآلاف من الدنانير، سأل الضمير العام: من أين لك هذا؟ ولما لم يجد إجابة شافية انتهى إلى أن الوالي لابد وأنه بنى المسجد من مال حرام، وبالتالي لا يصح الصلاة فيه.

وصل الخبر إلى الأمير أحمد، فخطب في الناس، وحلف أمامهم بالله العلي العظيم أنه ما بنى الجامع من فلوس حرام، وإنما بناه من كنز عثر عليه عند سفح الهرم.

لم يكن المال الحرام هو العامل الأوحد الذي صرف الناس عن الصلاة في مسجد "ابن طولون"، فقد أضاف البعض سبباً آخر، وهو "ضيق قبلته"، فخطب "ابن طولون في الناس وحكى لهم حكاية عجيبة ملخصها أن النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يبني القبلة على هذا النحو، وخط له في الأرض صورة ما يعمل، فلما استيقظ من نومه ذهب إلى الموضع فوجد النمل قد طاف على الخط الذي حدده النبي، فلم يملك أن يزيد عليه.. ولذلك سمي محراب المسجد "محراب النمل"!.

راجت هذه الأسباب وغيرها على ألسنة الأجيال التي تعاقبت من المصريين، وهي كلها لا تنهض كأسباب موضوعية لتفسير عزوف الناس عن الصلاة في مسجد الوالي حين أنشأه، إذ الأرجح أنهم كانوا يمارسون بذلك نوعاً من الرفض الصامت لأداء "ابن طولون".. ومن العجيب أن هذا الرفض ما زال متواصلاً حتى اللحظة، إذ يعد مسجد أحمد بن طولون من أقل المساجد التي يقبل المصريون على الصلاة فيه، رغم ما يتمتع به بنيانه من ثراء واتساع وعظمة!.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محراب النمل محراب النمل



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab