أخلاق للبيع

أخلاق للبيع

أخلاق للبيع

 العرب اليوم -

أخلاق للبيع

بقلم - د. محمود خليل

يبدأ فيلم أرض النفاق -القصة الشهيرة للراحل يوسف السباعى- بمشهد لدكان عطار تتصدره يافطة مكتوب عليها «أخلاق للبيع»، ولا أجدنى بحاجة لأن أحكى لك ما تعلمه من تفاصيل الفيلم، لكننى أريد التوقف عند تاريخ إنتاجه وما يشير إليه من دلالات، ونحن بصدد مناقشة قضية الأخلاق.

أنتج فيلم «أرض النفاق» عام 1968 فى سياق لحظة مكاشفة كانت تعيشها مصر بعد نكسة يونيو، الفيلم شيد أحداثه على حقيقة التردى الأخلاقى الذى ضرب المجتمع، ومثّل سبباً من أسباب ما حدث، وجوهرها حالة النفاق التى ضربت بأذاها جميع أرجاء المجتمع، فتغلغلت داخل الأسر، وفى الشارع، وفى المؤسسات العامة.

ولو أنك فتشت فى معنى النفاق فستجد أنه يتمحور حول فكرة «الكذب المصنوع»، أو بعبارة أخرى الكذب الهادف إلى الاسترزاق وتحقيق المغانم والمكاسب: «وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ».

فى الحديث النبوى الشريف الذى يشرح آيات المنافق تجد الكذب على رأسها: «إذا حدّث كذب».. وكل ما يأتى بعد هذه العلامة هو تأسيس عليها، فخُلف الوعد كذب، وخيانة الأمانة والعهد كذب، والغدر كذب، وأصل الفُجر فى الخصومة هو الكذب.

وفى القرآن الكريم إشارات متنوعة إلى ممارسة المنافقين لألوان شتى من الكذب، وقد وضع الله الصادقين فى مقابل المنافقين.. يقول تعالى: «لِّيَجْزِىَ الله الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ».. وثمة إشارات إلى كذبهم على السماء.. يقول تعالى: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ».

الكذب ممقوت فى كتاب الله لأنه أصل التداعى فى حائط الأخلاق داخل أى مجتمع، واللافت أنه كان ممقوتاً حتى داخل المجتمع العربى قبل بعثة النبى، صلى الله عليه وسلم، يمكنك أن تستدل على ذلك من مشهد أبى سفيان وهو يجلس أمام النبى ليبايعه على الإسلام، فقد قال له النبى: تبايعنى على ألا تكذب، فرد عليه مستنكراً: أو يكذب الرجل؟أو يكذب الرجل؟.. سؤال عجيب أراد به أبوسفيان أن يثبت أن الرجولة صدق، وأن الرجل الحقيقى ليس بحاجة إلى الكذب، وأن الأمر لا يحتاج إلى أن يؤمن بدين حتى يلزم الصدق فى حياته، إدراكاً منه لحقيقة أن الصدق هو أصل السلامة الأخلاقية للمجتمعات، والكذب جوهر التداعى فيها.هذا المعنى تجده حاضراً بشكل صريح فى حديث النبى العربى، صلى الله عليه وسلم.

فقد سأله أحدهم: يا نبى الله هل يزنى المؤمن؟ قال: قد يكون من ذلك، قال: يا رسول الله هل يسرق المؤمن؟، قال: قد يكون من ذلك.

قال: يا نبى الله هل يكذب المؤمن؟ قال: لا، ثم أتبعها بقوله تعالى: «إِنَّمَا يَفْتَرِى الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ».

إلا الكذب وحالة النفاق التى تتولد عنه.. لأنه السر الأكبر فى التداعى الأخلاقى الذى تعيشه الأمم، وهو المقدمة الكبرى لما تتعرض لها المجتمعات من انكسارات وانكفاءات.

ولو أنك استرجعت فيلم أو رواية «أرض النفاق» فسوف تجد أنها انتهت على البطل وهو يسرق شوال «حبوب صراحة» ويلقى بها فى النيل.. يشرب الناس العلاج، فتتبدل أحوالهم، ويعيشون لحظة صدق نادرة، يدركون فيها أن مشاكلهم التى كانوا يتصورون أنها بحجم الجبال حُلّت فى لحظة، لكن ما أسرع ما عادوا بعد ذلك إلى حياة الكذب.لقد وجد المؤلف الحل فى «ابتلاع حبوب الصراحة».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخلاق للبيع أخلاق للبيع



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:52 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في السودان
 العرب اليوم - مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في السودان

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 العرب اليوم - الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab