«الحفيد» المتمرد

«الحفيد» المتمرد

«الحفيد» المتمرد

 العرب اليوم -

«الحفيد» المتمرد

بقلم - د. محمود خليل

يسجل «إدريس أفندى» فى شهادته عن عصر محمد على أن حفيد الوالى المدلل «عباس بن طوسون» كان من المتحفظين على المشروع التحديثى للجد، وعلى بعض توجهاته، ويسجل موقفاً لو صح لمنحنا مؤشراً على نظرة عجيبة امتلكها الحفيد نحو هذا المشروع تمزج بين الإعجاب بمعطياته، والتحفظ على صانعه (الوالى الجد).

يقول «الأفندى»: «ذات يوم بمناسبة عيد الأضحى، ذهب عباس يقدم فروض التهنئة لجده، فجلس على الديوان واضعاً ساقاً على ساق، وهو وضع لم يكن أحد ليجرؤ على اتخاذه فى حضرة الباشا الشيخ، واستاء محمد على ألا يراه يسعى إليه ليقبل يده فى احترام ثم ينتظر حتى يأذن له بالجلوس. فسأله بأى حق أباح لنفسه تلك الحرية فى الجلوس؟. فأجابه: بحق الرجل الذى يعرف شرف أجداده. ألست باشا ابن باشا وحفيد باشا. بينما أنت لا أجداد لك من الأشراف».

هذا الرأى الذى أبداه عباس فى حضرة الباشا يحمل فخراً من جانبه بجده محمد على وأبيه طوسون باشا، وإعجاباً بهما ويتجربتهما، فهما اللذان صنعا أصله الذى يتباهى به، لكنه فى الوقت نفسه يعكس رؤية متحفظة على أداء الوالى المؤسس لتجربة التحديث، وهى رؤية تُرجمت إلى واقع حين تولى الحكم، فحاد عن مسار جده فى الكثير من الأمور، ومن بينها موقفه المحتقر للشعب، إذ كان عباس أكثر عطفاً على المصريين، وأكثر التصاقاً بالعنصر العربى، على عكس جده الذى انحاز للعنصر التركى بدرجة أكبر، بل وتزوج عباس واحدة من بنات رؤساء القبائل العربية، وتماهى مع الثقافة العربية والزى العربى، وعزف عن التوجه الأجنبى لجده، وتبنى فى وقت مبكر مشروعاً لصناعة إمبراطورية عربية، تنفصل عن الإمبراطورية العثمانية.

كان أول ما فعله «عباس» بعد أن أصبح والياً أن رفع العديد من المظالم الصارخة التى فرضها جده على المصريين، وأعاد بعض الموظفين المصريين المفصولين من إدارات مختلفة، دون معاش، إلى وظائفهم، فاستبشر الناس بعهده، وأحبوه، ووجدوا فيه نوعاً مختلفاً من الحكام، لا يبالغ فى إهدارهم وتسخيرهم ويفرض إرادته الباطشة عليهم.

بالغ الأجانب، وخصوصاً الفرنسيين، فى تشويه «عباس الأول»، واتهموه بالنكوص عن حلم أو تجربة جده، وهو اتهام فى محله إلى حد كبير، لكنه يغفل حقيقة أن الجد لم يفلح فى إقناع حفيده بأهمية وجدوى ما يصنع، وأن ذلك كان خطأ جوهرياً فى أداء محمد على الكبير، إذ كان يتبنى مشروع التحديث بصورة فردية، ولا يعتنى بإقناع أقرب المقربين إليه بأهمية مواصلته واستمراره، وإذا كان ذلك هو الوضع بالنسبة لأولاده وأحفاده، فما بالك بإقناع الشعب بأهمية التحديث، وشرح آثاره الإيجابية على حاضره ومستقبله، وتأهيله لحمل أمانته.

وكانت نتيجة هذا الأداء من جانب الوالى الكبير أن وجد مشروعه التحديثى يتهاوى أمامه خلال السنوات الأخيرة من حياته، بعد أن بات معزولاً فى إحدى غرف القلعة، يعانى من داء الخرف، حتى وافاه الأجل، ليدفن داخل المسجد الذى شيده بقلعة الحكم.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحفيد» المتمرد «الحفيد» المتمرد



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab