نظر «آدم الحفيد» إلى جده وقال: «أشعر أننى فى حلم.. ماذا يحدث حولى.. هل أنا حى أم ميت؟.. سألتك كثيراً لكنك لم تجبنى».. ينظر إليه الجد نظرة حانية ويقول له: كان جدك مصطفى يقول لى ذلك.. قال لى: يا ولدى لقد كنت تحلم حلماً عجيباً.. والأعجب أنك كنت تنطق وأنت نائم بصوت جدك «الترجمان» ولسانه.. بادره «آدم الحفيد» قائلاً: «مؤكد أنه كان حلماً.. وإن لم يكن فهو الجنون بعينه».
أسمعه أبوه «مصطفى» العبارة نفسها لما طلب منه «آدم» أن يسافرا إلى قرية أبوغالب ليفتشا فى مقابرها عن قبر الترجمان.
- مصطفى: اسمع يا آدم أنا السبب فيما يحدث لك.. فمن كثرة كلامى وحزنى على جدك الذى أبحث عن عظامه تلبستك هذه الحالة.
- آدم (بهدوء): إلى حد أن أقلد صوته.. وأنا الذى ولدت بعد أن مات بسنين؟
- مصطفى (بحيرة): شىء يحير.. إننى أريد أن أصدق ولكن عقلى.......
- آدم: إننى أشعر أن روح جدى تلبستنى.. وبعثت إليك بهذه الرسالة من خلالى.. لقد حدثنى حكيم الإسلام الشيخ طنطاوى جوهرى عن موضوع الأرواح والاتصال الروحانى كثيراً.
- مصطفى: «قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً».. هذا المريد لمصطفى كامل يخرّف.
- آدم (بهدوء): الشيخ يبحث فى هذا القليل الذى آتاه الله لنا.. والقليل من الله كثير.. الله تعالى ذكر فى كتابه الكريم أن النوم شقيق الموت.. «اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ».. يا أبى نحن نموت ونبعث كل يوم.. والأرواح تتواصل فى لحظات النوم.. وربما يكون هناك إمكانية لتواصلها فى الصحو.. وفى كل الأحوال لقد كنت نائماً لحظة تواصل روح جدى معى.
- مصطفى: لا أريد يأساً جديداً.. إن عمرى لم يعد يحتمل المزيد من الصدمات.
- آدم: أبى لقد بحثت وسافرت ورحت وجئت.. فما المانع من أن تضيف إلى محاولاتك محاولة جديدة؟.يقاطع «آدم الحفيد» جده ويقول له (ضاحكاً):
- الشاب: هذا الكلام كان يأكل مع زمانكم.. أرواح.. وتحضير أرواح.. ووسيط.. وخلافه.. والله يا جدى لو سمعك أهل زمانى لوضعوك فى مصحة نفسية.
- الشيخ (بهدوء): بالعكس العلم فى زمانك أدرك ما وعيناه بقلوبنا فى زماننا.. اقرأ عن النظرية النسبية.. اقرأ عن «الزمكان».. وستجد أن كل مكان له طول وعرض وارتفاع يضاف إليها بُعد رابع هو الزمن.. الزمن يا ولدى هو البعد الرابع.
- الشاب (مندهشاً): مؤكد يا جدى أنك شاهدت فيلم Interstellar أو «بين النجوم».. البطل ذهب فى رحلة للفضاء ابتلعه فيها ثقب أسود.. وكانت كل سنة له بين النجوم تعادل 7 سنوات على الأرض.. ولما عاد إلى الكوكب كان عمره بحسابات الأرض 127 عاماً رغم أنه كان يلبس ثوب الشباب.
- الشيخ: لم أشاهد شيئاً.. لكننى طالعت كتاب الله وقرأت قوله تعالى: «وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ».. وقوله: «تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ».
كان الشيخ طنطاوى جوهرى يقول: «لم نقرأ من العالم سوى سطرين، سطراً من المادة وسطراً من العقل».