ما أكثر المعارك التى كانت تندلع بين أمه وأبيه.. تعوَّد «آدم» عليها كما تعوَّد على التنفس المنتظم.. لكن فى هذه المرة كان صوتهما عالياً جداً.. وكانت أمه تناديه بعصبية:
- الأم: آدم.. آدم.
- آدم: فيه إيه؟
- الأم: الحق أبوك.. كنت فاكرة إن جدك آدم ورَّثك الجنان لوحدك.. بس واضح إنكم عيلة مجانين لسابع جد.
- آدم (ضاحكاً): حصل إيه يا أمى لكل ده؟
- الأم (وهى تأخذه من يده): تعالى اتفرج.
تفتح الأم حجرة المكتب، فيجد آدم أباه وقد ارتدى جلباباً أبيض وعباءة سوداء ووضع فوق رأسه طاقية بيضاء وجلس أمام الكاميرا يسجل أول فيديو له.. وأمامه يرقد «صندوق آدم» بعد أن تسلل إلى حجرة الابن وأخذه منها.. يشير الأب إلى الصندوق ويقول:
«فى هذا الصندوق ترقد خبيئة آدم.. السر الكبير اللى اكتشفه أبويا آدم ابن مصطفى ابن حسن الترجمان.. والترجمان ده يا أحباب هو أصل السر.. والخاتم ده هو الدليل اللى هدى مصطفى للترجمان.. وهدى آدم للسر».
تقاطعه الأم قائلة:
- الأم: اقطع الكلام.. كفايانا رعب وقرف.. شوية شوية هتحضر أرواح زى أبوك.. عيلة نوش صحيح.
- الأب: سيبونى أكمل الفيديو.. انتى مش فاهمة حاجة.
- آدم (ضاحكاً): بالراحة عليه يا ماما.. سيبيه يكتشف نفسه.
- الأم: صدقنى يا ابنى العيلة دى أنا كاشفاها من أول يوم.. ربنا يرحمك يا بابا.. هو اللى رمانى ع اللى أنا فيه.. قال إيه ابن واحد صاحبه.. راجل شيخ مبروك.
- آدم (ضاحكاً): مبروك يا ماما.
يتركهما ويعود إلى حجرته.. تجرى الأم وتدخل وراءه.. وتقول له:
- الأم: يا ابنى اللى بيعمله أبوك ده قلة دين.
- آدم: ربنا هو الأعلم بقلوب الناس.
- الأم: يعنى إيه الكلام ده؟.. إحنا مسلمين وموحدين بالله.. ومصيرنا الجنة ونعيمها.. إنما أبوك!!.
- آدم: البشر اللى عايشين فى الدنيا برحمة ربنا.. هيعيشوا فى الآخرة برحمته برضو.
- الأم: يعنى إيه الكلام ده؟.. انت هتعمل زى جدك.
- آدم (باهتمام): جدى.. كان بيعمل إيه؟.
- الأم: جدك -ما تجوزش عليه غير الرحمة بقى- كان بيقول إن كل الناس هتدخل من باب رحمة ربها.. يعنى معقولة المسلم يبقى زى غيره.. تتفهم إزاى دى يعنى؟.
- آدم: الأصل يا أمى فى الإيمان والعمل الصالح.
- الأم: أستغفر الله العظيم.. والإيمان بالأنبيا والرسل؟.
- آدم: هو جزء من الإيمان بالله يا أمى.
- الأم: لما بكلمك دلوقتى بحس إنى بكلم راجل عجوز.. ولما بكلم أبوك بحس إنى أدام راجل عيل بيلعب.. والله أنا هدخل الجنة بسببكم.
ينصرف عنها «آدم» إلى شاشة «اللابتوب» وهو يردد بينه وبين نفسه: «حقيقتان توافق عليهما البشر فى هذه الحياة؛ الإيمان بوجود إله خالق لهذا الكون، والحياة بعد الموت».