التعليم والوعي

التعليم والوعي

التعليم والوعي

 العرب اليوم -

التعليم والوعي

بقلم - د. محمود خليل

التعليم يساوى الوعى، فإذا لم يولِّد التعليم وعياً فالمحصلة صفر. وواقع الحال أن التعليم داخل العديد من الدول العربية لا يستهدف بناء وعى الدارس بالواقع الذى يعيش فيه وأساليب التعامل الأمثل مع معطياته وثرواته وإمكانياته، وكيفية تطويرها. ولا يهتم بتوفير الأدوات التى تمكِّن المتعلم بعد ذلك من امتلاك ناصية التفكير العلمى من ناحية، أو القدرة على تطبيق النظريات العلمية فى النهضة بالواقع من ناحية أخرى. التعليم داخل أغلب بلدان العالم العربى وسيلة للحصول على الشهادة ليس أكثر.فى كتابه «مجتمع جديد أو الكارثة» تحدَّث الراحل زكى نجيب محمود عن التعليم الذى يمكِّن الدارس من امتلاك الأدوات التى تساعده على تطوير ذاته والنهوض بالواقع الذى يعيش فيه. تحدَّث عن «تعليم الرياضيات» الذى يؤدى إلى امتلاك الدارس لنظرة رياضية للواقع، والتفكير الرياضى فى حل ما يواجهه من مشكلات فيه، وليس التعليم القائم على رص نظريات الهندسة أو أسس الجبر. تحدَّث عن «تعليم التاريخ» الذى يولِّد لدى الفرد القدرة على استخلاص القوانين التى تحكم حركة الأحداث، والوقوف على العبر منها، بحيث لا تكرر الشعوب أخطاء سبق ووقعت فيها.هناك عقد اجتماعى غير معلن بين السلطة والمجتمع داخل البلاد العربية على أن هذا النوع من التعليم غير مرغوب فيه، وأن المطلوب تحديداً هو «الشهادة» ولا شىء آخر، وإذ كان ثمة من مصلحة للمسيطرين داخل الواقع العربى على تغييب الوعى.. فما هى مصلحة الشعوب فى المساهمة فى ذلك؟. الأسر العربية التى تتكالب على الدروس الخصوصية لا تريد لأبنائها تعليماً يؤدى إلى «الوعى» بل إلى «شهادة»، المجتمعات التى تفرح بحالات الغش الجماعى لا تبحث لأولادها عن تعليم حقيقى بل عن ورقة يدخلون بها الجامعات، ليتخرجوا فيها كما تخرجوا فى المدارس، لا يملكون عقلاً ولا فكراً ولا معرفة ولا أدوات فى مواجهة الواقع، بل يملكون ورقة، مجرد ورقة، اسمها شهادة.مسألة الحرص على حيازة «الشهادات» لم تعد مقصورة على الأسر أو الأفراد المتعلمين، بل امتدت إلى المسئولين عن التعليم حتى داخل الجامعات. فرؤساء الجامعات الذين يبحثون عن موقع متقدم فى تصنيف يصفونه بالعالمى (وقد يكون غير ذلك) هم يبحثون عن شهادة، والمسئولون عن التعليم بشقيه المدرسى والجامعى الذين يتحركون فى عملهم معتمدين على «شلة إعلاميين» أو «شلة صحفيين» يبحثون عن شهادة، والأساتذة الذين يشاركون فى مؤتمرات -الله أعلم بجدواها- ويلتقطون الصور السيلفى ويضعونها على صفحاتهم هم يبحثون عن شهادات افتراضية من أصدقائهم ومحبيهم.التعليم الذى لا يؤدى إلى إضاءة العقل بالوعى، وتوفير أدوات التطوير فى اليد، ليس له مردود إيجابى على الواقع.. وخروج الشعوب العربية من أزمتها الحالية يفرض عليها أولاً أن تصحح مفاهيمها حول التعليم وأهدافه ونواتجه، وأن يستوعب أفرادها أن جوهر الثروة فى التعليم هو «العلم»، وليس الشهادة، أو ما يجلبه على صاحبه من مكتسبات، وأن يلتفتوا إلى محاربة الأمية بشكل حقيقى وليس دعائياً، ويعيدوا إلى التعليم المهنى هيبته وقيمته، ويتفهموا أن الشعوب التى سبقتهم إلى المستقبل حرصت فى البداية على امتلاك أداة التعليم، وبنت بها الواقع، ثم انطلقت نحو المستقبل.خروج المجتمعات العربية من أزمتها يقتضى أول ما يقتضى تبنى المعانى والمفاهيم الحقيقية للتعليم، واعتباره الرافعة الأهم لانتشالهم من وهدة الواقع المرير، ووضعهم على عتبة المستقبل الحقيقى.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم والوعي التعليم والوعي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab