«لا تقدرون أن تخدموا الله والمال»

«لا تقدرون أن تخدموا الله والمال»

«لا تقدرون أن تخدموا الله والمال»

 العرب اليوم -

«لا تقدرون أن تخدموا الله والمال»

بقلم - د. محمود خليل

من العوامل الأخرى التى أكسبت «مكرم عبيد» شعبية كبيرة لدى المصريين، ما تميز به من نزاهة ونظافة يد وتعفف، وهى جملة الصفات التى تدفع المصريين إلى احترام المسئولين الذين يتميزون بها، وهم فى أغلب الأحوال ندرة نادرة.فالمسئول الذى ينشغل بالشعب يصعب عليه أن ينشغل بنفسه، على عكس الذى يرى المنصب وجاهة، وليس فرصة لخدمة البشر العاديين. والمسألة ترتبط فى الأول والآخر بنظرة المسئول إلى القوى التى دفعت به إلى الصفوف الأمامية، فإذا اعتقد أن قوى السلطة والنفوذ هى من دفعته كان أكثر ميلاً إلى خدمتها وتحقيق المغانم الشخصية، وإذا آمن أن البشر العاديين هم من دفعوا به إلى موقعه فى الأمام، فسوف يعمل فى خدمتهم، وينشغل بهم عن ذاته.فى هذا السياق نستطيع القول إن «مكرم عبيد» قدم ترجمة إنسانية عملية لآية الإنجيل التى تقول: «لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر. أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال».. ويبدو أنه كان يتمثل أيضاً قول الله تعالى فى القرآن الكريم: «ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه».اختار «مكرم عبيد» طريقه مع البشر العاديين من بسطاء المصريين، هؤلاء الذين صنعوا مجده وزعامته، أحبهم فأحبوه، أخلص لهم فأخلصوا له، أعطاهم من جهده ووقته وعمره فأعطوه دعماً وتأييداً، حتى فى اللحظات التى تواجه فيها مع زعيمهم الكبير مصطفى باشا النحاس، حين أصدر كتابه المعنون بـ«الكتاب الأسود» الذى وجه فيه اتهامات بالفساد إلى «النحاس وحرمه»، وكانت فى أغلبها لا تمثل حالات فساد جاد. لم يفقد «مكرم» مليمتراً واحدة من مساحة الحب التى احتلها فى الوجدان المصرى وهو ينتقد «النحاس»، رغم محبتهم الجارفة للأخير.دفاع «مكرم عبيد» عن بسطاء المصريين، من عمال وفلاحين وموظفين صغار، كان شغله الشاغل، وقد حدثتك قبل ذلك عن نظريته الرافضة لفصل الاقتصاد عن المجتمع، وأن الاقتصاد لا بد أن يكون «شعبياً» وليس حكومياً، وأن الدول التى تكون حكومتها غنية وشعبها فقير لا تقدم نموذجاً ناجحاً فى الإدارة الاقتصادية، ويذهب العديد من المؤرخين إلى أن «مكرم عبيد» كان نموذجاً فريداً من نوعه لوزراء المالية، فقد كانت يده سخية على بسطاء الشعب بصورة جعلته مختلفاً عمن سبقه أو لحق به من وزراء اقتصاد اشتهروا بـ«القرطمة» أو مد النظر إلى جيوب الناس.رفض مكرم عبيد أيضاً فكرة الفصل بين السياسة والاقتصاد، ورأى أن الاستقلال السياسى أساسه الاستقلال الاقتصادى، وما أكثر ما تساءل: «ما الذى يكسبه الفلاح من الاستقلال، إذا ظل فى كل عهد من العهود كبش الفداء ومحل الاستغلال؟».. فجوهر الاستقلال من وجهة نظر السياسى المخضرم تمثل فى رفع الاستغلال عن الفلاحين المصريين الذين يمثلون النسبة الغالبة من الساعين فوق تراب المحروسة.هذا الانحياز الواضح لبسطاء المصريين، والدفاع المستميت عنهم، جعل البعض يصف مكرم باشا بأنه اشتراكى التوجه والنزعة، وهو اتهام خطير فى مصر ما قبل يوليو 1952، حيث كانت الدولة حينها تحارب الاشتراكية، وتعتبر تبنى أفكارها جريمة، وظنى أن مكرم باشا كان يضحك وهو يسمع هذه الاتهامات الصادرة عن عقول لا تفهم أن جانباً من جوانب الفكر الليبرالى يتمركز حول فكرة «الحماية الاجتماعية» بالتعليم والعلاج والتموين وغير ذلك من متطلبات أساسية للحياة.لم يكن فارس الليبرالية الشهير يأبه لاتهامه بالاشتراكية، لأن من ينشغل بخدمة الشعب الذى وثق فيه وأحبه لا يجد وقتاً يتوقف فيه أمام ثرثرة من كان يصفهم مكرم عبيد بـ«الحاسدين».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لا تقدرون أن تخدموا الله والمال» «لا تقدرون أن تخدموا الله والمال»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض
 العرب اليوم - ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة
 العرب اليوم - هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 05:56 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تدمير التاريخ

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 17:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة

GMT 06:19 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

اللا نصر واللا هزيمة فى حرب لبنان!

GMT 02:32 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا تعلن عن طرح عملة جديدة يبدأ التداول بها في 2025

GMT 08:33 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 20:57 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يؤكد موقف الإمارات الداعم لسوريا

GMT 07:30 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 18:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يبحثان العلاقات الأخوية

GMT 06:25 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الروس قادمون حقاً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab