«أهو ده اللي جرى»

«أهو ده اللي جرى»

«أهو ده اللي جرى»

 العرب اليوم -

«أهو ده اللي جرى»

بقلم - د. محمود خليل

في العصر الذي وُصف بأنه كان عصر من الفن على حد تعبير الراحلة نعمات أحمد فؤاد في كتابها عن "أم كلثوم"، خرج علينا الشاعر المبدع "بيرم التونسي" بأغنية يدعو فيها "أهل المغنى" إلى السكوت عن الكلام المباح، ويردد: يا أهل المغنى دماغنا وجعنا.. دقيقة سكوت لله.. دا احنا شبعنا كلام ما له معنى.. يا ليل ويا عين وياه".

قد تعجب حين تقرأ هذا الكلام لـ"بيرم التونسي"، أحد كبار "أسطوات المغنى" في زمن الفن الجميل، ويدعو فيه يستحلف "أهل المغنى" بالسكوت ولو دقيقة بسبب ما أصابه والمستمعين من صداع، لكن العجب يزول حين تقرأ السبب الذي عرضه الشاعر الكبير وبرر به دعوته: "دا احنا شبعنا كلام ما له معنى".

بمثل هذا الفكر وعبر هذه الدعوات تنصلح الأمم.. فالشاعر لا يريد كلاماً عابثاً يفارق الواقع ويزيفه، ويدعو إلى إنتاج كلام "له معنى"، أي يعبر عن الواقع الحقيقي الذي يعيشه الناس، ويعتبر الكلمات التي تضلل المستمع عن واقعه عملة مزيفة، لا تجلب لصاحبها أية منفعة، بل قد تتسبب في أذاه.دعوة أهل المغنى إلى السكوت، تلك التي تبناها "بيرم" ارتبطت بزمن لم يكن قد اجتاحته العبث، كما حدث في حقب تالية، لكن اللا شىء كان موجوداً، وكان له سككه وطرقه، وأيضاً محبوه، لكنه لم يكن يشكل تياراً سائداً، ورغم ذلك التفت إليه الشاعر المبدع، وكذلك شأن العقل المنشغل بالمعنى حين يوجعه العبث.

ربما توجع "بيرم" أيضاً من بعض ما كان يسمعه في زمانه من كلام منظوم بصورة تكسبه معنى شكلياً، لكنه يحمل الوهم في باطنه.. تُرى ماذا كان يقول الرجل في شعر المناسبات، مثل ذكرى جلوس الملك على عرش البلاد، وذكرى ميلاد ولي العهد؟.. كيف كان يقيّم اللطميات التي يحملها شعر الرثاء؟ كيف كان يزن شعر المدح ومواويل المديح التي كنت تكال فيها الأوصاف الكبرى "عمال على بطال"، الأوصاف التي كانت تمتدح حلم الغضوب، وجمال القبيح، وعلم الجهلة، وحكمة الحمقى، وغير ذلك؟الواضح أن المعنى في نظر بيرم كان واقعاً وليس لغة.

فكل كلام يفارق الواقع هو كلام فارغ، حتى ولو كان له معنى على مستوى اللغة، لأن صاحبه يستخدم اللغة في غير غرضها، حين يوظفها كوسيلة للتستر على الواقع، رغم أن البشرية تصالحت على وظيفة أساسية للغة منذ اختراعها، تتمثل في الإفشاء والكشف عن المكنون الحقيقي للذات، ورؤيتها الموضوعية للواقع.توفي الشاعر الكبير بيرم التونسي يوم 5 يناير عام 1961، مختتماً رحلته مع الشعر والزجل بأغنية "الهوى غلاب"، وتصادف أن كانت حفلة أم كلثوم الشهرية يوم وفاته (يوم الخميس الأول من شهر يناير)، فأصرت على مخاطبة روحه وهي في طريقها إلى السماء بهذه الأغنية الأثيرة.

الهوى الغلاب كان عنواناً لمرحلة غلب فيها الوهم على الواقع، والخيال على الحقيقة، الهوى الذي وصفه الشاعر بأنه يأتي بغير مواعيد: "جاني الهوى من غير مواعيد"، لم يتصور الشاعر أنه سيحلق به بعيداً عن الواقع: "محسبش يوم هياخدني بعيد"، يمنيه بالأفراح والإنجازات ليعود منها بالأتراح والانكسارات "يمني قلبي بالأفراح.. وأرجع وقلبي كله جراح".أهو ده اللي جرى!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أهو ده اللي جرى» «أهو ده اللي جرى»



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - طائرة مساعدات إماراتية عاجلة لدعم لبنان بـ100 مليون دولار

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 العرب اليوم - الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab