الجبار والمُصلح

الجبار والمُصلح

الجبار والمُصلح

 العرب اليوم -

الجبار والمُصلح

بقلم - د. محمود خليل

تقدم لنا قصة نبي الله "موسى" لوحة جديدة ترسم الحقيقة الخالدة في رحلة البشر فوق الأرض، حقيقة أن الله تعالى هو صانع الأقدار. تلك الحقيقة التي تجد مفتاحها في الآية الكريمة من سورة طه التي تقول: "ثم جئت على قدر يا موسى واصطنعتك لنفسي".

تبدأ القصة برجل يرى في نفسه القدرة على صنع أقدار من حوله، رجل يزعم الألوهية لنفسه، ويطلب ممن حوله أن يعبدوه من دون الله، إنه المتفرعن "فرعون". حين علم الجبار "صاحب العقل الخفيف" من أحد عرافيه أن طفلاً سيولد من بني إسرائيل يضيع ملكه على يديه، قرر قتل كل وليد يولد داخل هذا الجمع الذي كان يعيش في مصر، لم يكن يعلم ان لله تدبيره، ولأقداره مشيئتها، وأن الطفل الذي أراد قتله، سوف يربيه هو بيديه، فكان ما كان مما تعلم، حين وُلد موسى عليه السلام، وألقت به أمه في اليم، وسار يتهادى فوق صفحة النيل داخل صندوق، حتى وصل إلى قصر الفرعون، نظرت إليه زوجته فرق قلبها له، وأحبته بإرادة الخالق: "وألقيت عليك محبة مني".

كان مشهداً مثيراً ذلك الذي يحكي عنه القرآن الكريم، حين تحدت إرادة الله غرور فرعون، فأخرج له من بني إسرائيل رجلاً كان يصفه بالضعة والتلعثم في القول: "أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين". ظن فرعون أنه بمقدوره أن يرسم أقدار البشر لمجرد أنه يملك المال والنفوذ ولحن القول.

مواجهة حامية خاضها موسى مع فرعون وملئه، استعان فيها بإيمانه بالله ويقينه بإرادته ومشيئته، ذلك الإيمان الذي تبدى بقوة حين واجهه أحد خصومه لما هم بأن يقتله بسبب اعتدائه على أحد أقاربه من بني إسرائيل، وهو ما سبق وفعله مع آخر: "فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين".

في هذه اللحظة استفاق موسى، وتنبه إلى الفارق بين الجبار والمصلح، فالجبار الذي يملك القوة يظن أن بإمكانه رسم أقدار الناس، أما المصلح فيعلم أن كل شىء بيد الله، إنه يسعى إلى تحسين أحوال من حوله، وتطوير ظروف الواقع الذي يعيش فيه إلى الأفضل، ثم يترك النتائج لله، فالله وحده هو صانع الأقدار: "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب".

قدّر الله تعالى أن يهرب "موسى" إلى "مدين" ويتزوج من هناك، ثم يعود بعدها إلى مصر في لحظة قدرها الله أيضاً: "ثم جئت على قدر يا موسى"، وبدأ النبي رحلة كفاح كبيرة ضد فرعون، واجه فيها سحرته، وكهنته، ووزيره الأعظم هامان، وملئه من آل فرغون، متسلحاً بإيمانه بأن أمر الله نافذ: "وكان أمر الله قدراً مقدوراً".

وانتهت المواجهة بمشهد شديد الإثارة، إذ كان فرعون وجنوده يهرولون وراء موسى وقومه من بني إسرائيل، وهو يخرج بهم من مصر، حين شق "موسى" بعصاه البحر فانفلق فكان كل فرق كالجبل العظيم، ومر "موسى" وقومه، هنالك هرول فرعون وجنوده وراءهم، ولحظتها التئم ماء البحر، ليغرق فرعون ومن معه.. ذلك المتكبر الذي أعماه غباؤه عن إدراك حقيقة أن من يسّر لموسى أن يفلق البحر بعصاه قادر على رده إلى سيرته الأولى ليغرق المغرور فيه.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجبار والمُصلح الجبار والمُصلح



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab