«ابن أمه»

«ابن أمه»

«ابن أمه»

 العرب اليوم -

«ابن أمه»

بقلم - د. محمود خليل

"اتفضلي.. خشي انتي امتحني".. قلت لأمي هذه الجملة ونحن على باب المدرسة التي ينعقد بها امتحان الشهادة الابتدائية.. قلت الجملة وتركتها وسرت، في حين كانت تصرخ وتستجدي عودتي لأدخل الامتحان.. هرولت ورائي وكان من السهل على أي مخلوق أن يلحق بي، فما بال الملهوفة.. أمسكت بي، وقالت بجدية: "خلاص من بكرة هسيبك تيجي الامتحان لوحدك".في الثانية عشرة من عمري بدأت تسيطر علي رغبة عارمة في التحرر من يد أمي التي ظلت تمسك بي سنين طويلة، بدأ الصغار من حولي يعايرونني بأنني "ابن أمي" لا أستطيع أن أفعل شيئاً بدونها.. قلة الوعي تساوي قسوة.. والصغير غير الواعي لا يأبه بألم الحزين، بل قد يضحك له.صممت أن أبدأ مشوار الاستقلالية بطولي غير المتوازن بدءاً من سنة "سادسة ابتدائي"، شعرت أنني على أعتاب الاعدادية، وأن الأوان قد آن لأتحرر، واعتبرت امتحان الابتدائية فرصة للتطبيق العملي للفكرة.كان من عادة الأمهات حينذاك أن يصحبن أولادهن إلى المدرسة التي سيمتحنون فيها، ويظلون ماكثين أمام بوابتها، حتى ينتهي الامتحان ويخرج الصغار مبشرين أو منذرين، وبالتالي فقد كان وجود الأم في هذه اللحظة مبرراً، وربما كان ذلك هو السر وراء قراري، فقد أحببت أن أثبت للجميع أنني، دونهم، قادر على الاستغناء عن أمي في اللحظة التي تلتف فيها الأمهات حول الصغار.امتحان اللغة العربية كان في اليوم الأول، طلبت منها في الصباح ألا تنزل معي، أصرت وصحبتني، ظللت أبكّت فيها طيلة الطريق، حتى ودعتني عند باب المدرسة ودعت لي ودخلت، وجدتها حين انتهيت من الامتحان، عدت من جديد إلى "موال التبكيت" وطلبت منها بإصرار ألا تأتي معي في الغد.. وإلا..!لم تفهم المسكينة ما أقصده بـ"وإلا...." وفي اليوم التالي حدث ما حدث. كان الدور على امتحان "الحساب"، وجدتها تستعد للنزول معي، تركتها تفعل، صحبتني، سرت معها حتى باب المدرسة، وعند الباب تركتها قائلاً: خشي انتي امتحني".حاولت أكثر من مرة أن أتمرد على أمي، كي أثبت لنفسي ولمن حولي أنني قادر على العيش بجسدي المهتز، بل وقادر على تثبيته ووزنه حين أريد.. قالت لي ذات مرة: "كل راجل ابن أمه.. وإلا ما يبقاش راجل".. كانت تنقرزني بهذا الكلام وهي أكثر من يعلم قوة شخصيتي ومراسي الصعب.أدركت معنى الجملة حين دخلت سيدة جديدة حياتي لحظة أن تزوجت، فلم تستطع أن تزحزح سيدتي الأولى عن عرشها، حدث ذلك بتلقائية فريدة، حين ذابت زوجتي في ملكوت أمي، وتحققت من المعنى أكثر حين أنجبت، فوجدتها تعلمني كيف أربي، وجدتني أسترشد برأيها وبخبرتها في الحياة، وكلما كان يمر بي العمر تشبثت بها، فمكثت معها عمري كله حتى وفاتها.. وطيلة هذه المدة كنت أباهي بأنني "ابن أمي".

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ابن أمه» «ابن أمه»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 08:33 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي
 العرب اليوم - حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 07:30 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
 العرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab