معنى السعادة

معنى السعادة

معنى السعادة

 العرب اليوم -

معنى السعادة

بقلم: د. محمود خليل

فى القصة القصيرة «معنى السعادة» للعالمى «نجيب محفوظ» ينصح الأب ولده قائلاً: «كن فى نفسك تسلم، ولا شأن لك بالآخرين». أخذ الابن هذا المفتاح من مفاتيح الحياة كما تصور، وسار به فى دروبها، حرص كل الحرص على التركيز فى نفسه ومع نفسه، درس الطب وتفوق فيه، حصل على الدكتوراه، عمل فى وظيفة مرموقة فى وزارة الصحة، تزوج من فتاة جميلة من عائلة كريمة أنجبت له ولدين، كل شىء حوله فى الحياة كان يبشر بالسعادة، فقد خاض الرحلة حتى أحيل للمعاش وكل شىء يسير كما يريد ويشتهى، شىء واحد لم ينجح فيه هو أن يربى ابنيه على المبدأ الذى رباه عليه أبوه «كن فى نفسك ولا شأن لك بالآخرين».

بعد المعاش حدث انقلاب غريب فى نظرة بطل القصة للحياة ومعطياتها، لم يعد النجاح أو الثروة أو الزوجة أو الأبناء مصادر سعادة، كما كانت الحال فيما سبق، بدأ ينظر إلى هذه المعطيات بحيادية بعد أن انطفأت شعلة الوهج بداخله، لم يعد يرى فيها تحقيقاً، ساءت نفسيته، ذهب إلى طبيب متخصص، حكى له سيرة حياته، وأكد له أن كل ما فيها يمثل أسباباً للسعادة، باستثناء فشله فى تربية أولاده على مبدأ «كن فى نفسك»، فابتسم له الطبيب وأكد له أن ذلك من حسن حظهما!.

أن يكون الإنسان فى ذاته على طول الخط ليس شرطاً للسلامة فى الحياة. فاعتزال الناس يريح الرأس، ويجنب صاحبه ضغوطهم عليه واقتحامهم له، لكنه قد يضر بالإنسان أشد الضرر وذلك فى حالتين.

الحالة الأولى إذا أدى التركيز مع الذات إلى صرف صاحبه عن التركيز مع الآخرين، هنالك يتحول الاحتماء بالذات إلى أنانية وانغلاق، والإنسان مضطر -بسبب طبيعته الاجتماعية- إلى التفاعل مع الآخرين، وأحد أسس النجاح فى بناء العلاقات هو فهم الغير، ولا يتحقق الفهم للغير إلا من خلال التركيز معهم عقلاً ووجداناً، للتعرف على أفكارهم ومشاعرهم، وإدارة العلاقة بهم بناء على ذلك.

الحالة الثانية ترتبط بالكبر (مرور العمر بالإنسان). ففى مرحلة الشباب يغتر الإنسان بقدرته على الحياة بمفرده، وتوفير احتياجاته بذاته، ومهارته فى اعتزال العالم من حوله، والدنيا كما تعلم لا تستقر على حال، ففى داخل الضعف الإنسانى قوة، وفى باطن القوة ضعف، والإنسان يتقلب بين ضعفين، وقد يبدو المحيطون بفرد معين غير ذوى قيمة بالنسبة له فى مرحلة الشباب، لكن الحاجة إليهم تظهر واضحة فى الطفولة، ويتعاظم دور المحيطين بالفرد فى حياته فى الكبر. وذلك بالضبط ما عاشه صاحبنا بطل قصة نجيب محفوظ بعد أن أحيل إلى المعاش، فقد وجد حياته فارغة من صديق أو أنيس، وحتى أولاده تركوه، لأنهم لم يجدوا فى أنفسهم القدرة على أن يعيشوا بنهجه فى الحياة، فيعتزلوا العالم من أجله.

العاقل من يعرف متى يحد الحدود حول نفسه عندما يكون فى ذلك قيمة، ويتفهم متى ينفتح على الآخرين حتى يحيا كإنسان طبيعى يؤمن بأن «الجنة بلا ناس ما تنداس».

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معنى السعادة معنى السعادة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات

GMT 19:57 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية

GMT 14:07 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

المجر تخسر مليار يورو من مساعدات الاتحاد الأوروبي

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab