«الغُنا» على الوطن

«الغُنا» على الوطن

«الغُنا» على الوطن

 العرب اليوم -

«الغُنا» على الوطن

بقلم - محمود خليل

يتمتع المصريون بدرجة واضحة من السخاء فى الغناء للوطن. لم يغنِّ أحد لبلاده كما غنينا، ولم يشدُ أحد لزعماء بلاده كما شدونا. جميل أن يغنى شعب للبلد الذى يعيش فيه، لكن الأجمل أن يعمل من أجله، ولو كانت المسألة بالغناء لكانت دولة مثل مصر فى صدارة دول العالم، لأننا حالة خاصة جداً على هذا المستوى.

قد لا تجد علاقة بين الأغنية الوطنية والعقل التسليمى غير الميال إلى النقد، لكنك لو تأملت الخيط الرابط بين محتوى هذه الأغانى ومستويات حضور مسألة «التسليم أو النقد» فيه فقد تخرج بنتيجة عكسية.

قبل ثورة يوليو 1952 كان الغناء الوطنى موجوداً، وكان يتوزع بين الغناء باسم مصر، والغناء باسم الملك. أغلب فنانى ما قبل الثورة غنوا للملك، بل وللأمراء والأميرات داخل قصورهم. وبعد 1952 تكرر المشهد؛ فغنى المطربون والمطربات لـ«عبدالناصر» كما غنوا للملك من قبل، ومن عاصر «السادات» غنى له كما غنى لـ«ناصر». أكبر اسم فى عالم الغناء والطرب وهو الراحل محمد عبدالوهاب، كان يلقب بـ«مطرب الملوك والأمراء والرؤساء»، وقد غنّى ولحّن فى حب الوطن الملكى ثم الناصرى ثم الساداتى ثم المباركى.

لست أتحدث هنا بالطبع عن الجانب الإبداعى الجميل الذى تجده فى الأنغام والأصوات التى غنت فى حب الوطن وزعمائه، لكننى أحدثك عن محتوى الكلمات وما تحمله من معانٍ، ولست أدرى هل تتفق أو تختلف معى فى أن بعض هذه الأغانى كانت أشبه بالمنشورات السياسية الهادفة إلى التعبئة والحشد، قد يقول قائل: وما العيب فى أن تحشد الأغنية أو تعبئ الجماهير وراء هدف أو زعيم معين؟. وأرد: ليس ثمة من عيب فى ذلك، ولكن بشرط التفرقة بين الواقع والخيالات. فارق كبير بين أغنية تنقل حقيقة واقع، وأخرى تزيف واقعاً معيناً وتقدمه على غير حقيقته.

بعض الأغانى الوطنية فى الخمسينات والستينات لم تقدم وصفاً أميناً للواقع، وقد ثبت ذلك لدى كثير من المصريين بعد نكسة يونيو 1967، بل إن بعض كتاب هذه الأغانى اعترفوا بأنهم ضللوا الشعب بما كتبوه من منشورات سياسية شعرية، راجت على أجمل الحناجر التى عرفها المصريون حينذاك، وبعض الملحنين الكبار حاولوا التوقف عن الاستمرار فى هذه اللعبة بعد النكسة، لكنهم عادوا مضطرين إلى ذلك.

المواطن فى تلك الحقب كان يستقبل المعنى الساكن فى الأغنية الوطنية بعقل تسليمى، ولا يكلف نفسه عناء المقارنة بين ذلك الذى يتردد فى الأغنية والواقع الذى يعيش فيه، لم يكن ميالاً إلى النقد، عملاً بالنصيحة الغنائية الأخرى «اوعى تفكر.. انسى الدنيا وريح بالك».

كانت ثمة حياتان يحياهما المواطن: «حياة فى الغناء» و«حياة فى الواقع».. ظل المذياع يردد طيلة الستينات: «ونجيب النصر هدية لمصر» وكان ما كان، وفى السبعينات يردد: «ومفيش مكان للأمريكان بين الديار».. فى حين كان الواقع غير ذلك.. وظل يردد فى الثمانينات والتسعينات: «فى البيت والغيط آنى شاطرة.. أنا بنت الريف والخضرة» فى حين كان يتم تجريف الأرض الزراعية.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الغُنا» على الوطن «الغُنا» على الوطن



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 09:50 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

تعليق غريب من محمد فؤاد حول حفله بالكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab