احتراف «الشجن»

احتراف «الشجن»

احتراف «الشجن»

 العرب اليوم -

احتراف «الشجن»

بقلم - محمود خليل

المصرى يحزن كمحترف ويفرح كهاوٍ. فعبر تاريخنا الممتد لآلاف السنين يعرف شعبنا كيف يحزن، وأدوات التعبير عن الحزن لديه عديدة مقارنة بأدوات التعبير عن الفرح، ومحتوى الحزن لديه أكثر سخاءً من محتوى الفرح.

انظر على سبيل المثال إلى كلمات «التعديد» التى اخترعتها السيدة المصرية للتعبير عن أحزانها على من رحلوا. «التعديد» فى مصر له أشكال وألوان. وهو عبارة عن أشعار رثاء تنشدها السيدات للتعبير عن أحزان الفقد ومآثر الفقيد. تأمل أيضاً الأغانى وفكّر فى كلماتها وما تحمله من معانٍ، ستجد أن ثمة تركيزاً على معانى الهجر والفراق والوجع، أكثر مما تعبر عن معانى البهجة والفرح واللقاء. الشخصية المصرية ميالة إلى البكاء فى الفرح والحزن. وأخلد المعانى فى الذاكرة المصرية ارتبطت بأحداث موجعة وهزائم مر بها أهل هذا البلد، وأجمل الضحكات التى تنحت وجوه المصريين يعقبها دعاء «اللهم اجعله خيراً»، لأن الحياة عوّدتهم أن كل ضحكة يعقبها حزن. هل تذكر أغنية محرم فؤاد التى يقول فيها: «وانت عنى بعيد.. الجراح بتزيد.. كل يوم باتألم.. حتى يوم العيد»؟.

يعزو البعض هذه الحالة إلى التجربة التاريخية المرهقة التى مر بها المصريون، والضغوط العنيفة التى مورست عليهم من جانب المستعمرين الذين تقلبوا على البلاد، وهى ضغوط تدفع الفرد إلى الحزن وتذكره به حتى فى المناسبات السعيدة. قد يكون ذلك كذلك، لكننا فى النهاية لسنا استثناءً بين شعوب العالم، فكلها مرت بتجارب حزينة قاسية، ورغم ذلك لا يغلبها الحزن كما يغلبنا. ثمة شىء مختلف فى المزاج المصرى وكذا فى الثقافة العامة السائدة لا بد من البحث والتفتيش وراءه وفهمه، حتى نستطيع التفسير ومن ثم التغيير.

وإذا انتقلت من الماضى إلى الحاضر فستجد أن أهم أداة تكنولوجية معاصرة (الموبايل والإنترنت) تحولت إلى آلة بث وشكوى وتصدير للأحاسيس الحزينة، وأحياناً السلبية. بعبارة أخرى تحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى ساحة تعج بـ«النكد». فأغلب ما يروج عليها من أخبار وتدوينات وتريندات تسيطر عليها الروح السلبية، وقليلاً ما تظفر عليها بالمحتوى العكسى.

هى فى حالات الوفاة سرادق عزاء كبير، وفى الذكرى السنوية ساحة لإحياء المناسبة والدعاء للمتوفى. إذا مرض أحدهم تحولت الساحة إلى مستشفى كبير تتناثر فيه الورود والدعوات والأمنيات الطيبة بالشفاء للمريض. وإذا مر أحدهم بتجربة سلبية مع إحدى المؤسسات حكاها تفصيلاً حتى يتشارك معه الجميع فى التألم مما وصلت إليه الحال، والأمر نفسه يتعلق بالتجارب السلبية مع الأصدقاء أو الأقارب أو الجيران وغير ذلك. لا بأس بالطبع من ذلك، بشرط ألا يزيد على حده حتى لا ينقلب إلى ضده.

الأخبار الموجعة تجد طريقها على مواقع التواصل بصورة أسرع وأكثر انتشاراً من الأخبار التى تنقل صور وتفاعلات الإنسان مع الحياة بشكل متوازن يمتزج فيه الفرح بالشجن.

الشجن جزء من الحياة، والحزن مكون من مكوناتها، لكن ثمة جزء آخر ومكون ثانٍ يحلق به الإنسان فى الحياة يحتاج إلى التنبه إليه.. التوازن مطلوب حتى لا تتحول آلات البث التقليدية والمستحدثة إلى مجرد أدوات لنشر النكد بين الناس.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتراف «الشجن» احتراف «الشجن»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab