طيور الوهم

طيور الوهم

طيور الوهم

 العرب اليوم -

طيور الوهم

بقلم - محمود خليل

زمان كانت الناس تسلى نفسها وتعالج أوجاعها بحكايات «ألف ليلة وليلة»، وفيها يحل الإنسان مشكلاته من خلال العفاريت. فهذا عفريت يطير عبر الريح ليعيد بطل الحكاية إلى أهله ووطنه بعد أن قذفت به الأحداث فى بلاد بعيدة طال مقامه بها حتى يئس من العودة.. يعانى بطل إحدى الحكايات الأخرى من الفقر وتسلط الزوجة عليه ويضيق بالبلد الذى يحيا فيه، تتكاثر عليه الهموم فيرتمى وحيداً فى بيت مهجور يشخص ببصره إلى الحائط القديم الذى يرقد فى مواجهته فيفاجأ بأنه يئز ثم ينفلق، وإذا بمارد عملاق يخرج إليه قائلاً: «شبيك لبيك.. عبدك وملك إيديك.. إيش تطلب؟». يطير به المارد إلى أرض بعيدة ويكشف له عن كنز مخبوء بها، يتحول بعده إلى واحد من كبار تجار المدينة، يتعرف إلى السلطان ويتزوج ابنته الأميرة الفاتنة ست الحسن والجمال.

تاهت حكايات ألف ليلة وليلة فى دروب النسيان، وحل محلها حكايات الأفلام والمسلسلات العربية، واخترع مؤلفوها ومخرجوها العديد من الحلول «المعفرتة» للمشكلات التى يواجهها البطل. جوهر الحل تجده يتحلق حول فكرة «الصحوة المفاجئة للضمير». قد يتهم البطل بجريمة معينة، وتتتابع أحداث الفيلم لتؤكد على براءته، وأن غيره هو من ارتكب الجريمة، بعدها يصاب المجرم الحقيقى بنوبة من نوبات «يقظة الضمير» فيعترف وينجو البرىء.

فى الأفلام العربية ما أسرع أن تتحول الهزائم إلى انتصارات، والإحباطات إلى آمال، والظلم إلى عدل، والفقر إلى ثراء، والمريض إلى عفىّ، والضال إلى مهتدٍ، والطيب إلى شرس. وبإمكانك أيضاً أن تعكس هذه الثنائيات فتجد الانتصار يتحول إلى هزيمة والأمل إلى إحباط، والعدل إلى ظلم وهكذا.

زمان كان يطلق على الحلول التى تُقدم عبر حكايات ألف ليلة وليلة: «شغل حواديت»، أما حلول الأفلام فكانت توصف بـ«كلام أفلام». فالواقع فى كل الأحوال لا يعرف تلك الحلول الخرافية السهلة لمشكلات الحياة، لكن ذلك لا يعنى أن الإنسان انصرف عن خرافات العفاريت، أو صحوات الضمير المفاجئة والمصنوعة، إلى التناول المنطقى لمشكلات الحياة وطرح الحلول الواقعية لها. قد يحدث ذلك فى أحوال، لكن الغالب على المجتمعات المرهقة هو البحث عن وهم.

أكثر ما يباع إلى العائشين فى المجتمعات المرهقة هو الوهم. ففى مواجهة أى مشكلة يتم إطلاق طيور الوهم. على سبيل المثال الرسائل التى تتدفق من جميع الاتجاهات عبر وسائل التواصل الاجتماعى بإيهام من يستقبلها بأن أمامه فرصة لربح الملايين عبر الانخراط فى وظيفة أو الاشتراك فى مسابقة وغير ذلك. ومن لا يتعامل أو يتأثر بالواقع الافتراضى يجد فى واقعه المعيش «مستريح» أو «مستريحة» يبيع له وهم الاستثمار القادر على تحقيق أرباح خيالية مع الاحتفاظ بثروته الأصلية، وينهب فلوسه.

الكبير له طيور الوهم التى يتم إطلاقها عليه، والصغير له الشىء نفسه، فتجد بعض الشباب يحلمون بفكرة تضعهم فى مصاف كبار الأثرياء، ولو فتش أحدهم عن الفكرة التى قفزت فى خياله المسترخى وبحث عن جدواها أو تطبيقها فسيدرك أنه يعيش وهماً مستطيراً.

الحلم مشروع.. أما الوهم فاستمرار للمشكلة وموت للحل.

arabstoday

GMT 05:22 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

مغامرة وخسارة

GMT 05:20 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

العالم بين رمضاء بايدن ونار ترمب

GMT 05:19 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف؟!

GMT 05:17 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

على أبواب الجحيم!

GMT 05:15 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طيور الوهم طيور الوهم



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:37 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

الجمبسوت الخيار الأول لهيفاء وهبي بلا منازع
 العرب اليوم - الجمبسوت الخيار الأول لهيفاء وهبي بلا منازع
 العرب اليوم - أفكار للكراسي المودرن الخاصة بالحديقة المنزلية

GMT 19:56 2024 السبت ,29 حزيران / يونيو

العظماء السبعة ؟!

GMT 00:02 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

مقتل 5 وإصابة 63 في انفجار خزان غاز غربي تركيا

GMT 00:02 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

أحمد عز يعترف بالخطأ الأكبر في حياته

GMT 11:37 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

الجمبسوت الخيار الأول لهيفاء وهبي بلا منازع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab