شجرة «الخبث»

شجرة «الخبث»

شجرة «الخبث»

 العرب اليوم -

شجرة «الخبث»

بقلم: د. محمود خليل

متى يصبح حبل النكد على الجرار لدى الفرد أو المجموع؟

الآية الكريمة التى تقول: «والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكداً» تقدم لنا إجابة عن السؤال. فكل مظاهر النكد التى يمكن أن تبصرها من حولك نتيجة لمقدمة واحدة ثابتة هى «الخبث».

ويُقصد بـ«الخبيث» من الأشياء والأحوال والبشر كل ردىء أو مكروه أو فاسد أو باطل، وعكسه كل ما هو طيب. وثنائية الطيب والخبيث من الثنائيات الحاضرة بشكل لافت داخل النص القرآنى الكريم. فالبشر طيبون وطيبات وخبيثون وخبيثات، والبلد قد يكون «طيباً» أو «خبيثاً»، والكلمات أشجار بعضها «طيب» وبعضها «خبيث»، والمال «خبيث» و«طيب»، والمأكولات «طيبات» و«خبائث»، والله تعالى فى الختام هو وحده الذى يميز «الخبيث» من «الطيب». إذن الخبث بما يحمله من معانى الرداءة والفساد قد يضرب كل ناحية من نواحى الحياة، فهو يضرب النفس البشرية، كما يضرب المال، كما يضرب الأرض، كما يضرب الطعام والشراب ومعطيات الحياة، كما يضرب أسلوب كلام الناس مع بعضهم البعض، حين يستدعون من قاموس الخبث وهم يتكلمون.

حالة الرداءة التى تصيب جوانب الحياة لا تحدث بين يوم وليلة، بل هى فى الأصل مسألة تراكمية تتطلب سنين حتى تستوى على أعواد حطبها، ومثلها فى ذلك مثل حالة الطيبة التى تستند إلى منظومات قيمية تحكم كافة جوانب الحياة وتترسخ فى نفوس الأفراد والمجتمعات عبر سنوات طوال.

يولد البشر طيبين، فإما أن يؤكد المجتمع معانى الطيبة بداخلهم أو يبدأ فى إرضاعهم الرداءة.

يقال للطفل: نادى أبوك باسمك وأمك باسمها.. اللى يضربك اضربه، واللى يشتمك اشتمه.. خد الموبايل العب عليه، ومُش مهم يتعلم منه إيه.. أنتِ أحلى بنت فى الدنيا، ولازم اللى ياخدك يتاقلك بالمال.. بنتى ملكة متوجة وما تتجوزش شاب أى كلام بيشتغل عشان يصرف على تعليمه، بنتى تتجوز اللى يعرف يتمنها.. إحنا يا ابنى اللى بنعبد ربنا على حق.. مُش مهم تنجح بالغش ولا بالمذاكرة، المهم تنجح.. العبرة مش بتشتغل إيه، العبرة بتكسب كام، اضحك انت ع الناس واوعى حد يضحك عليك.. إحنا يا ابنى أسياد الناس.. وعيلتنا مصدر قوتنا.

هذه الجمل وغيرها تُلقّن للأطفال والصبية فترسم خرائط الرداءة بداخلهم، وتجعلهم مهيَّئين -فيما بعد- لابتلاع كل ردىء جديد يظهر فى عالمهم. وبهذه الطريقة تتشكل الأنفس الخبيثة التى تحتكم إلى عدسة الرداءة فى النظر إلى ما حولها ومن حولها، وتستند إلى منهجيات الخبث فى أفعالها، وقواميس الرداءة فى أقوالها.

الرداءة فى أى مجتمع أو داخل نفس أى فرد تبدأ بنبتة صغيرة تكبر وتتفرع وتنتشر فتغلب ما عداها، وخرائط الطيبة تنطلق هى الأخرى من نقطة داخل نفس الفرد أو الجماعة لتتمدد بعد ذلك وتلفهما برداء الجودة، وإلا لماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق»؟.

الخبث والطيبة منتجان اجتماعيان بالأساس.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجرة «الخبث» شجرة «الخبث»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab