نظرية «الطبق الواحد»

نظرية «الطبق الواحد»

نظرية «الطبق الواحد»

 العرب اليوم -

نظرية «الطبق الواحد»

بقلم - د. محمود خليل

يستغرب البعض لماذا أحب المصريون من مجايلي جمال عبد الناصر ومن بعدهم هذا الرجل أكثر مما أحبوا أنور السادات؟ يقول هذا البعض أن أي مقارنة موضوعية ما بين العصرين (الستينات والسبعينات) يفترض أن توازن بين عطاء الرجلين، وأن تنصف "السادات" في أمور عديدة، كما تنصف "عبد الناصر" في أخرى، السادات فتح أبواب العمل السياسي التي أغلقها عبد الناصر بالضبة والمفتاح، وشرع في أواخر سنواته في علاج مرافق الدولة التي أهملت في الستينات وغير ذلك.

لكل رجل من الرجلين إنجازاته واخفاقاته، ومؤكد أن الشعبية الطاغية التي تمتع بها عبد الناصر خلال حياته وبعد رحيله لدى البسطاء ، مقارنة بالسادات، كان لها ما يبررها بعيداً عن معايرة الإنجازات التي قدمها كل منهما. عبد الناصر ببساطة استوعب المعادلة التي تحكم ثقافة هذا الشعب، والمتمثلة في "الأكل من طبق واحد"، أما "السادات" ففضّل المعادلة النقيضة التي يتأفف منها قطاع كبير من الشعب: "ميجيش من الغرب حاجة تسر القلب".

كان عبد الناصر أفهم من غيره من الزعماء للتركيبة الثقافية التي تحكم "الشعب المصري العميق" الذي ينتشر داخل أحياء مصر القديمة، وفي ريفها، وهي التركيبة المحكومة بفكرة "الأكل في طبق واحد". طبّق "عبد الناصر" هذه الفكرة بصورة أو بأخرى وهو يقسم أرض الباشوات بين الفلاحين، وهو يجعل للعمال حق في أرباح الشركات، وهو يضع التموين بين أدي الجميع، وهو يجعل التعليم للجميع، وهو يحول العمل والانخراط في وظائف إلى حق تكفله الدولة. لذا كان من الطبيعي أن يحبه البسطاء الذين تعيشوا على فكرة "الأكل في طبق واحد"، غير آبهين بالطبع بتأثير هذه التوجهات على المستقبل الاقتصادي للبلاد، وجودة الخدمات بها، والظلم الذي حاق بأصحاب الأراضي والمشروعات التي تم تأميمها.

المواطن البسيط الذي يريد العيش، مجرد العيش الملائم، لم يفكر في أن الأرض التي حصل عليها لم يزرعها عبد الناصر، بل استولى عليها من الباشوات، أو أن الشركات التي يقبض من أرباحها، لم يؤسسها بل أممها، وأعطاه منها، أو أن المرتب الذي يقبضه بلا عمل حقيقي داخل وظيفة منحته لها الدولة يليق به أن يمد يده ويقبضه أم لا، أو أن المدرسة والجامعة التي باتت بالمجان لم تعد تمنح علماً.

المواطن البسيط لم يفكر في هذه الأمور، والغريب أن الانقلاب الذي حدث في أحواله بعد ذلك أكد جانباً من الحكمة في تفكيره على هذا النحو. فالتحول الذي أحدثه "السادات" خلال فترة السبعينات، وتفكيره في نزع يد الدولة من حياة المواطن، ودفعه إلى الاعتماد على نفسه بلا دعم منها، في الأكل، والشرب، والتعليم، والتوظيف، والعلاج، وغير ذلك، وفتح المجال أمام القطاع الخاص لتقديم الخدمات في هذه المجالات وغيرها، لم يؤد إلى تطوير في حياة المواطن، بل أدى رفع تكلفة الحياة دون أن تتحسن شروطها.

فالمدارس والجامعات المدفوعة اشتغلت بنفس معادلة "المجاني" فمنحت شهادات، ولم تمنح تعليماً أو علماً حقيقياً، ورأس المال الخاص ورجال الأعمال اعتمدوا على استغلال الفرص عبر دس أيديهم في مشروعات القطاع العام واقتناصها، واستثمروا بقروض البنوك، وبعضهم استولى عليها وهرب (نواب القروض)، وأصبح المرضى لا يجدون الرعاية حتى ولو دفعوا مثلهم تماماً مثل من يذهب إلى المستشفى الميري.

وفي الحالتين كانت غالبية المواطنين يدركون أن صوتهم ورأيهم لن يفرق أو يغير من الواقع شيئاً، وأنهم مغلوبون على أمره، لذا فضلوا من لعب على فكرة الطبق الواحد، على من لعب على فكرة الأطباق المختلفة التي أتخم بعضها، وفرغ بعضها، وكان الطبق الفارغ من نصيب الأغلبية.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرية «الطبق الواحد» نظرية «الطبق الواحد»



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:20 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تشن غارات جنوبي لبنان ومقتل 3 مواطنين في صيدا
 العرب اليوم - إسرائيل تشن غارات جنوبي لبنان ومقتل 3 مواطنين في صيدا

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab